«هل تعلم أنّ شهر أكتوبر عام 1582 ميلاديًا، حُذف منه 10 أيام، وأصبح 21 يومًا فقط؟»، معلومة وجيزة جرى تداولها عبر منصات التواصل الاجتماعي خلال الفترة الماضية؛ إذ تساءل الكثير حول حقيقة حذف 10 أيام من شهر أكتوبر خلال ذلك العام، واستيقاظ الشعب آنذاك على تاريخ 15 أكتوبر بدلًا من 5 أكتوبر؛ ليجيب الدكتور محمد غريب، الأستاذ المتفرغ بمعمل أبحاث الشمس بالمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، عن ذلك الأمر.
كيف حُذف 10 أيام من أكتوبر 1582؟
الدكتور محمد غريب، أوضح لـ«»، أنه في عام 1582ميلاديًا، لاحظ البابا جريجوري الثالث عشر، بابا الفاتيكان، أنّ الاعتدال الربيعي الحقيقي وقع في يوم 11 مارس وليس 21 مارس، حسب النتيجة اليوليانية، أي أنّ هناك خطأ بلغ 10 أيام في الفترة بين عامي 325 و1582ميلاديًا، ولهذا استدعى البابا، الراهب كريستوفر، وعهد إليه مهمة تصحيح هذا الخطأ، وتم إجراء التعديلين الآتيين، وهما:
– وفق الخطأ بين السنتين اليوليانية والشمسية، الشهر يبلغ نحو ثلاثة أيام كل 400 سنة (400×0,0078 ) = 3,12 والأيام الثلاثة هي زيادة السنين اليوليانية على الشمسية في هذه الفترة، ولهذا قرر كريستوفر أنّ يستقطع ثلاثة أيام كل 400 سنة، وذلك باعتبار السنين المئوية بسيطة، إلا ماكان منها قابلاً للقسمة على 400 فتكون كبيسة، ولتصحيح موقع الاعتدال الربيعي في النتيجة، جعله يوم 21 مارس بدلاً من 11 مارس.
– كما قرر كريستوفر أن يستقطع عشرة أيام من سنة 1582ميلاديا، إذ أزاح الأيام بمقدار 10 إلى الأمام، واعتبر يوم الجمعة 5 أكتوبر سنة 1582ميلاديا يوليانية، هو الجمعة 15 أكتوبر سنة 1582 ميلاديًا جريجورية، وابتداء العمل بالتقويم الجريجوري من هذا التاريخ، وكان اليوم التالي لعيد القديس فرنسيس، ليصبح الشهر في ذلك الوقت 21 يوما فقط.
وتعد السنة اليوليانية التي تم تعديلها 365,25 يومًا، في حين أنّ السنة الشمسية تبلغ 365,2422 يومًا، فالأولى تزيد على الثانية بمقدار 0,0078 من اليوم أي بنحو 11 دقيقة و 14 ثانية، وبتوالي السنين، يزداد هذا الفرق، فلا يتفق مبدأ السنة المدنية مع السنة الشمسية، وتصبح مواعيد الفصول في السنة المدنية على غير حقيقتها؛ ولذلك جرى تعديل التقويم الميلادي في عام 1582.
موقف الدول حول العالم من الخطأ المكتشف
وبادرت بعض الدول لتعديل التقويم، فبدأت روما في استعماله ابتداء من سنة 1582ميلاديا مثل فرنسا وأسبانيا والبرتغال، بينما أحجمت دول أخرى عن اتباعه في أول الأمر، ولكنها طبقته فيما بعد، ففي إنجلترا بدأ استعماله في سنة 1752م، وفي اليابان سنة 1872م، وفي الصين سنة 1912م، وفي روسيا سنة 1917م، وفي اليونان ورومانيا سنة 1932م، بحسب ما أكده الأستاذ المتفرغ بمعمل أبحاث الشمس، خلال كتاب الدليل الفلكي الصادر عن المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية.
أما في مصر فقد طُبق في عهد الخديوي إسماعيل، وفي عصرنا الحالي، أصبح التقويم الجريجوري هو التقويم الشمسي الشائع في معظم دول العالم سواء في حساب مواقيته أو الأسماء الإفرنجية التي عرفت بها أشهره، ولكن هناك بعض الكنائس الشرقية التي ما زالت تستخدم التقويم اليولياني في حساب تواريخ أعيادها، رغبة منها في الاحتفاظ بالقديم واحترامًا لما اتبعه السلف من رجال الدين.