مركبة فضائية – أرشيفية
تخطط وكالة الفضاء الأمريكية ناسا منذ فترة لإعادة إرسال البشر مرة أخرى إلى سطح القمر، بل والذهاب إلى أبعد من ذلك وبالتحديد كوكب المريخ «الكوكب الأحمر»؛ لتتخذ خطوات جديدة أبعد من مهمات أرتيمس المشهورة في الفضاء، فعملت على تطوير مركبة فضائية تعمل بالطاقة النووية استعدادا لإطلاقها بحلول عام 2025 أو أوائل 2026.
تقليل وقت السفر من وإلى الكوكب الأحمر
ويعتقد العلماء أن اختراقًا في الدفع الحراري النووي يمكن أن يساعد في تقليل وقت السفر من وإلى الكوكب الأحمر، لذلك تريد ناسا اختبار تلك التكنولوجيا بالقرب من موقع الحدث «المريخ» في محاولة لتحقيق تلك النظرية، وتأمل ناسا في نجاح تلك التكنولوجيا بتحقيق هدفها الأكبر وهو إرسال البشر إلى المريخ بحلول أواخر الثلاثينيات أو الأربعينيات من القرن الحالي، ومن المفترض أن تستغرق مهمة الرحلة نحو 7 أشهر للسفر إلى الفضاء على مسافة 480 مليون كيلومتر للوصول للكوكب الأحمر.
مركبة فضائية بقوة نووية تسمى المركبة الفضائية التي ستقوم بتلك الرحلة DRACO وهي مشروع تقوده ناسا مع وكالة مشروعات الأبحاث الدفاعية المتقدمة الأمريكية، فيما ستقوم ببنائه شركة الطيران والدفاع لوكهيد مارتن، وقال كيرك شيريمان نائب رئيس الشركة خلال مؤتمر صحفي: «نقوم بتجميع هذا معًا، ننظم هذا العرض التوضيحي ونجمع مجموعة من البيانات العظيمة».
الصاروخ الحراري النووي
أما عن الصاروخ الحراري النووي المستخددم في تلك التكنولوجيا الـ NTR، يوفر نسبة دفع إلى وزن عالية تبلغ 10000 مرة أكبر من الدفع الكهربائي، وكفاءة أكبر بمرتين إلى خمس مرات من الدفع الكيميائي في الفضاء، ويذكر أن ناسا درست مفهوم الدفع الحراري النووي لسنين طويلة، وتُدخل هذه التقنية الحرارة من مفاعل الانشطار النووي إلى دافع الهيدروجين لتوفير قوة دفع يُعتقد أنها أكثر كفاءة بكثير من محركات الصواريخ التقليدية القائمة على المواد الكيميائية.
وإلى جانب ميزة العبور السريع فإن نظام الدفع NTR من شأنه أن يقلل من المخاطر على رواد الفضاء لأنهم لن يسافروا عبر الفضاء لفترة طويلة، كما يؤدي ذلك إلى تقليل الوقت الذي يتعرض فيه رواد الفضاء لإشعاع الفضاء بشكل كبير ويحتاجون إمدادات أقل مثل الطعام أثناء رحلتهم إلى المريخ، وذكر نائب مدير وكالة ناسا ورائد الفضاء الأسبق بام ميلروي أن «إذا كان لدينا رحلات أسرع للبشر، فهي أكثر أمانًا».
ومن ميزات محرك الـ NTR أيضًا أن الحرارة تنقل من المفاعل مباشرة إلى وقود الهيدروجين الغازي، ومن ثم يتمدد الهيدروجين المسخن من خلال فوهة لتوفير قوة لدفع مركبة فضائية، لذا يجب أن تكون المواد داخل مفاعل الانشطار قادرة على تحمل درجات حرارة أعلى من 4600 درجة فهرنهايت، وذلك بحسب ما ذكرت صحيفة الديلي ميل البريطانية.
مهمة مماثلة في الستينيات
يذكر أن ناسا لديها القرار على العمل بنظام الـNTR منذ أكثر من 60 عامًا، فكانت المهمة الأولى عام 1961، وقادها مدير مركز مارشال لرحلات الفضاء التابع لوكالة ناسا ورائد الفضاء ويرنر فون براون، فدعوا إلى المهمة وإرسال عشرات من أفراد الطاقم إلى المريخ على متن صاروخين، تم دفع كل صاروخ بواسطة ثلاثة محركات نووية، وخطط فون براون أن تنطلق تلك الرحلة إلى الكوكب الأحمر في نوفمر 1981 وتهبط عليه في 1982.
وقال براون عند تقديم خطته في أغسطس 1969: «على الرغم من أن تنفيذ هذه المهمة سيكون تحديًا وطنيًا كبيرًا، إلا أنه لا يمثل تحديًا أكبر من الالتزام الذي تم التعهد به في عام 1961 بهبوط البشر على القمر»، ومع ذلك انتهت خطته عندما تغيرت الأولويات بهبوط البشر على المريخ عام 1972 وخفضت الميزانية الخاصة بالفضاء.
عودة ناسا إلى استخدام صاروخ الـ NTR من جديد
وعادت وكالة ناسا مرة أخرى في العصر الحديث لتكتشف طريقها إلى الكوكب الأحمر وتطبق نظريتها، وطلبت المساعدة من الحكومة الأمريكية لتقوم بذلك، وقالت المدير الإداري للوكالة ستيفاني تومبكينز، إن القدرة على تحقيق قفزات في التقدم في تكنولوجيا الفضاء من خلال برنامج الصاروخ الحراري النووي DRACO ستكون ضرورية لنقل المواد بشكل أكثر كفاءة وسرعة إلى القمر، وفي النهاية سيصل الناس إلى المريخ.
ومن المحتمل أن يتم إطلاق المركبة الفضائية إلى مدار مرتفع نسبيًا حول الأرض، سيكون في مكان ما بين 435 و1240 ميلاً (700 إلى 2000 كيلومتر)، والذي بدوره سيجعل وقودها النووي يتم إنفاقه بالتأكيد قبل تحطمها إلى الأرض لأنه في مثل هذه الارتفاعات قد تستغرق المركبة الفضائية 300 عام على الأقل لتخرج من المدار؛ لذا لأسباب تتعلق بالسلامة لن يتم تشغيل المحرك النووي حتى تصل المركبة الفضائية إلى المدار.