التوبة- أرشيفية
لا يتوقف الإنسان عن الذنب، ولا يكف الله عن المغفرة إذا تاب إليه العبد، والتّوبة هي تركُ الذّنب لقبحه والنَّدمُ على فعله، وبذل الجهدِ للتكفير عنه والعزيمة على الإقلاع منه، وإبداله بالأعمال الصَّالحة؛ تقربًا إلى الله واستِدراكاً لمَغفرته ورضوانه، قال تعالى: «إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ».
وحسب ما ذكر الشيخ حمدي نصر إمام وخطيب بوزارة الأوقاف، فإن هناك أشياء تثبت العبد على التوبة، وعدم الرجوع للمعصية، وهناك شروط لها.
شروط التوبة
في حديثه لـ«» أوضح «نصر»، أن شروط التوبة كالتالي:
1- استشعار النَّدمِ على ارتكابِ الذّنبِ، وإظهار الحَسرَةِ على ما تقدَّمَ من خطايا، والعزيمة على تركها جميعاً، وعدم العودة إليها.
2- مُحاسَبَةُ النَّفسِ وتَهذيبها ومُناصحتها بالخيرِ والإقبالِ على الطَّاعاتِ، ومراجعتها وتحريضها ضدَّ الذّنوبِ والمُنكرات.
3- إبراءُ الذِمَّةِ إلى الله بالاعترافِ لأصحابِ الحقوقِ والمَظالمِ، والاستِعدادِ للمُحاسَبةِ الدنيويَةِ، وإبراء الذمّة ما أمكن، والسَّعيُ لردُّ الحُقوقِ واجتذاب المُسامَحة.
4- أن تكونَ التَّوبةُ خالصةً لوجهِ الله تعالى لا رياءَ فيها ولا مصلحةً ولا تفريطَ ولا خِداع، واستحضار النيَّةِ وسلامتها، وأن لا يُراد بالتَّوبةِ أمرٌ غير الله، والسَّلامةُ من عقابه والطَّمع في إحسانه.
5- مُجاهدة النّفس ومُصارعتها لترك المعصية، والإقلاع عنها والابتعاد عن بيئاتها، ومُهيِّئاتها، ومُسبّباتها، ودوافعها، ومن يُعينُ عليها.
6- طلبُ العونِ من الله على التَّوبةِ تسخيرًا وقبولا واستغفارًا ودعاءً.
7- إدراك الوقتِ المَخصوص لقبولِ التَّوبة قبل بُلوغِ الغَرغَرَةِ مِن الموتِ أو قِيامِ السَّاعةِ؛ لخصوصيَّة هذهِ المراحل الزَمنيَّة المُتَّصفةِ بالعَجزِ والضَّعفِ وتيقُّنِ الهلاكِ، قال الله تعالى: «وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآْنَ».
وسائل الثبات على التوبة
1- استشعار الأجر العظيم؛ فقد أعدّ الله سُبحانه وتعالى للتائب أجرًا عظيمًا إذا تَابَ توبةً صادقةً، ونَدم على جَميع الذّنوب والمعاصي التي ارتَكبها سابقًا.
2- هجر الذنوب، والمعاصي التي اعتاد على ارتكابها فوراً؛ فالحَزم في ترك الذنوب والمعاصي من دواعي الثبات على التوبة، وعدم التّردد بها، ثم عدم العودة بعد ذلك لهذه الذنوب والمعاصي، وهجر كلّ ما يُمكن أن يُعيد التائب إلى المَعاصي والذنوب.
3- التيقّن بأنّ الله – سبحانه وتعالى- إن تاب التائب، وثَبَت على توبته، وحافظ عليها، واستمر عليها، وابتعد عن الكبائر فإنّ الله سيُبدل سيئاته السابقة للتوبة إلى حسنات، وهذا من رحمة الله، وفضله، وكرمه.
4- استعانة التائبُ على كلّ ما سبق بالله سبحانه وتعالى، بأن يَمنَحه العَزم، والقُوّة للثباتِ على التوبة.
5- المسارعة إلى التوبة كلما وقع المسلم في مخالفات شرعيَّة وذنوب ومعاصي، وعدم التسويف أو التأجيل للتوبة، قال –تعالى-:« وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ»، [سورة آل عمران: الآية 133].
6- العزم على عدم الرجوع إلى المعصية، فبهذا العزم تصح التوبة، ويكتسب صاحبها صفة الاستمرار على التوبة.
7- هجر أماكن المعصية قدر المستطاع.
8- صحبة الطيبة الذين يعينون المسلم على الطاعة، وترك مصاحبة الأشرار، الذين يعينون ويشجعون على ارتكاب المعاصي.
9- مراقبة النفس ومحاسبتها، وذلك باستشعار مراقبة الله سبحانه في كل قولٍ أو فعلٍ يصدر عنها.
10- تعهد النفس بإشغالها بما ينفعها، مثل الإكثار من الطاعات، وتنظيم علاقته بكتاب الله تلاوة وحفظًا وتدبرًا، وتذكر الموت، وحسن الاستعداد له.
11- المحافظة على ذكر الله سبحانه، مثل المحافظة على أذكار الصباح والمساء.
12- الحرص على المحافظة على صلاة الجماعة في المسجد، وحضور دروس العلم والاستماع إليها.
وإذا استمر العبد على التوبة فإنه سينال محبة الله ورضوانه، وسعة الرزق والبركة فيه، واستقامة سلوكه؛ لقوة الرقابة الداخلية لديه، ونيل محبة النّاس له، والنجاح والتوفيق في شؤون الحياة المختلفة، وحدوث تماسك للمجتمع وترابطه، ولا سيما كنتيجة للإقلاع عن الذنوب التي تتعلق بحقوق النّاس.