المحافظة على أداء الصلاة في وقتها، من أحب الأعمال إلى الله، ومن صحة شروطها استقبال القبلة، وهي التوجه إلى عين الكعبة لمن كان في المسجد الحرام، والتوجه إلى المسجد الحرام لمن كان في مكة، والتوجه إلى مكة لمن كان خارجها، كما روى البيهقي في السنن الكبرى عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما مرفوعًا: «البيت قِبلةٌ لأهل المسجد، والمسجد قِبلةٌ لأهل الحرم، والحرم قِبلةٌ لأهل الأرض في مشارقها ومغاربها مِن أُمَّتي».
مقدار الانحراف عن القبلة
وشددت دار الإفتاء المصرية على ضرورة تحري المسلم عن القبلة بنفسه أو عن طريق أهل الخبرة، وأحيانًا ما ينحرف المسلم عن القبلة يمينًا أو يسارًا إذا افتقد إلى تحديد الاتجاه الصحيح للقبلة، وفي هذا الشأن تقول دار الإفتاء عبر موقعها الرسمي إنّ الانحراف المسموح به عن سَمْتِ الكعبة هو الذي لا يزيد على خمسة وأربعين درجة يمينًا أو شِمالًا؛ لأن المطلوب ممن لا يرى عين الكعبة أن يتوجه إلى جهتها لا إلى عينها؛ لقول الله تعالى: «فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ».
وأضافت «الإفتاء» أنّ المسلم الذي يبعد عن الكعبة يكفيه التوجه إلى جهتها؛ لِما رواه ابن أبي شيبة والترمذي وابن ماجه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا بَيْنَ المشرِقِ والمغرِب قِبْلَةٌ»، وقد صححه الترمذي، وقوَّاه الإمام البخاري. ورواه أيضًا الدارقطني في «السنن»، والحاكم في «المستدرك».
ولِمَا رواه البخاري ومسلم وغيرهما من حديث أبي أيوبَ الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا أَتَيْتمُ الْغَائِطَ فَلَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا، وَلكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا»، وبوَّب الإمام البخاري في «صحيحه» بقوله: «باب قبلة أهل المدينة وأهل الشام والمشرق، وليس في المشرق ولا في المغرب قبلة؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ، وَلكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا»».
من صلى الكعبة فهو مصلِ إلى عينها
وتقول دار الإفتاء إنّ مَن صلى إلى جهة الكعبة فهو مُصَلٍّ إلى عينها وإن كان ليس عليه أن يتحرى مثل هذا، ولا يقال لمن صلى كذلك: إنه مخطئ في الباطن معفو عنه، بل هذا مستقبل القبلة باطنًا وظاهرًا، وهذا هو الذي أُمِرَ به، ولهذا لما بنى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مساجد الأمصار كان في بعضها ما لو خرج منه خط مستقيم إلى الكعبة لكان منحرفًا وكانت صلاة المسلمين فيه جائزة باتفاق المسلمين.
وإنما كان ما بين المشرق والمغرب هو القبلة في حق أهل المدينة؛ لأنهم شمال مكة وحقهم أن يتوجهوا جنوبًا، والانحراف الكثير عنها أن يُشَرِّقوا أو يُغَرِّبُوا، والجهات أربعٌ، تمثل كلُّ جهة ربعَ الدائرة الكاملة وهي 90 درجة، وهذا يعني أن جهة القبلة هي ربع الدائرة، وما دام المصلي في حدوده فإنه مستقبلٌ للقبلة، وعلى ذلك فيصير الانحراف المسموح به عن سمت الكعبة هو 45 درجة يمينًا ومثلُها شمالًا.