داخل إحدى الشقق السكنية بمنطقة العباسية في القاهرة، يقطن مسن عمره 58 عامًا، يعيش وحيدًا حياة مملة، المرض ينهش في جسده ولا يقدر على تحمله، وليس له دخل شهري ينفق منه على العلاج، يحيى حياة ليلها مثل نهارها، لا أسرة تحتضنه وقت مرضه، ولا عائلة تشاركه حزنه وفرحه، فقط يتواصل مع أفراد عائلته تليفونيا مما يرهقه نفسيًا بسبب حالة العجز التي يعيشها.
معاناة محمد حسن، يحكيها لـ«»، فبعد سنوات طويلة من العمل في السياحة كمراقب جودة، انتقل من شركة لأخرى، كان يعيش حياة مُرفهة نوعًا ما، أولاده يدرسون بمدارس خاصة، ويلبي هو لهم جميع متطلباتهم، وبعد عام 2011، أصيبت السياحة في مصر بالركود وخسر وظيفته، وتغيّر الحال 180 درجة.
يستطرد المُسن كلامه بتعبيرات حزن واضحة: «كنت عايش في مستوى كويس، وأولادي الاتنين بيعملوا كل اللي نفسهم فيه، بس مكنتش بنزل إجازات كتير وأغلب الوقت كنت في شغلي، عشان كده كان فيه نوع من البعد الأسري عنهم».
فقد وظيفته وتدهورت حالته الصحية
منذ عام 2011، تدهورت الحالة الاجتماعية لـ«محمد»، لتبدأ مشاكله الأسرية التي انتهت بالطلاق، وترك زوجته وأولاده الاثنين له، وهو مريض بالضغط والبروستاتا. يعاني «محمد» من مشاكل كثيرة في العظام، تجعله يشعر بالألم في أنحاء جسده، حالته يُرثى لها الآن.. «السنة دي ركبت شبكة الفتاق وتعبني جدا، وعظم رجلي وكتافي ورقبتي تاعبني، وعندي الضغط ومش باخد علاج، ده غير إن في مشاكل بالبروستاتا، وبرضه مفيش أي علاج لأني مش معايا فلوس»، هكذا أوضح تدهور حالته الصحية التي باتت تهدد عمله.
«محمد»: الجميع تخلى عني
بعد فقد «محمد» عمله منذ 10 سنوات، بدأ يعمل كـ«سمسار عقارات»، ودشن صفحة على «فيسبوك»، محاولا مساعدة المحتاجين لشقق سكنية وتوصيلهم بأصحاب العقارات، ليأخذ منها مبلغًا من المال يعيش عليه، وذلك حتى عامين ماضيين، حين تدهورت حالته الصحية ولم يقدر على السير ليكفي حاجة نفسه فقط: «حياتي اتدمرت، عندي ابني في أولى جامعة، وواحد تاني شغال دكتور ومحدش فيهم بيسأل فيا، حتى إخواتي بقعد أكلمهم وأتحايل عليهم علشان يعطوني أي فلوس، تعبت في آخر حياتي ونفسي أرتاح، دلوقتي عليا 15 ألف جنيه بسبب السلف من الناس».