| ما حكم قول «ربنا افتكره» عند حدوث الوفاة؟.. دار الإفتاء تجيب

أقاويل عديدة يتداولها الكثيرون دون معرفة ما إذا كانت تجوز أم لا، خاصة في حالة الأدعية، على سبيل المثال دائما ما تتردد عبارة «ربنا افتكره»، عند حدوث وفاة أحد الأشخاص، كناية عن أن موعد رحيله قد حان، ويتساءل البعض عن حكم قول هذه الجملة، وهو ما أجابت عليه دار الإفتاء المصرية، عبر موقعها الرسمي.

وأوضحت دار الإفتاء، أن مقولة «ربنا افتكره» لا حرج فيها من جهة الشرع؛ إذ أنها لا تعني المعنى المتداول بأن الله سبحانه وتعالى نسي أجل الشخص، لكن الآخر «العُرفي الحسن»، وهو انتقال مَن توفّاه الله تعالى إلى رحمته، ومن أعراف الناس بعضُ عباراتهم التي لا يقصدون بها حقيقتها اللفظية، إنما يقصدون بها ما تعارفوا عليه فيما بينهم من معنًى دون حاجة إلى قرينة تدل عليه؛ فيُعتبَر في ذلك بأعرافهم لا بالأصل اللغوي لأقوالهم.

حكم الشرع في مقولة «ربنا افتكره»

وأوضحت الإفتاء، عبر موقعها الرسمي، أنّ الشرع الشريف كما أقرّ الناس على ما تعارفوا عليه من أقوال، رفع عنهم المؤاخذة في كل ما لم تتعمده قلوبهم مِن ألفاظ أو أفعال يَحتَمِلُ ظاهرُها غيرَ ما قَصَدُوا؛ فقال تعالى في سورة البقرة الآية رقم 225: (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ).

وأشارت الدار إلى أنه تواردت النصوص من المذاهب الفقهية على أن العبرة في مثل ذلك بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني، وأنَّه إذا تردَّد كلام الناس بين الصحة وغيرها؛ فإنه يُحمَل على المعنى الصحيح منه، فإذا تَبَيَّن القصد والنية وَجَبَ صرف المعنى إليهما؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ» متفق عليه من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

لفظ النسيان ورد في القرآن الكريم

ونوهت إلى أنه كثرت الآيات التي إن حُمِلَت على حقيقتها اللغوية، فُهِمَ منها نسبة النقص إلى الله تعالى؛ إذ جاء لفظ النسيان في كثير من الآيات مضافًا إلى الذات الإلهية، ومع حفظ المسلمين للقرآن الكريم جيلًا عن جيل، لم يتبادر إلى ذهن أيٍّ منهم أن المقصود منه حقيقةُ النسيان في اللغة والتي هي ضعفٌ في الْـمَلَكَةِ العقلية عند استحضار المعاني والأشياء بعد حفظها، بل المتبادر إلى الذهن فورًا هو تَرْكُ الله تعالى بإرادته رحمةَ العاصينَ بسبب سَبْقِ نسيانهم ما أمرهم به سبحانه من قبل؛ وذلك في مثل قول الله تعالى: (فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ)، و(كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى»، وقوله عزَّ وجَلَّ: «نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ).

واختتمت دار الإفتاء، إجابتها مؤكدة أن الشخص عندما يقول «ربنا افتكره» يقصد بها أن المتوفى انتقلب إلى رحمة الله تعالى، ولا حرج فيها شرعًا.