تعد «إمساكية رمضان» من أبرز الطقوس المرتبطة بالشهر الكريم منذ زمن بعيد، فهي بمثابة دليلًا للصائم والمصلي طيلة أيام رمضان، إذ كان يرجع لها المُصلي للتعرف على موعد أذان المغرب، موعد الإمساكن وكذلك أذان الفجر وموعد صلاة العشاء والتراويح، وعلى مدار تاريخ مصر كانت الإمساكية لوحة فنية مرسومة ومطبوعة بعناية فائقة.
تاريخ أول إمساكية في رمضان
الكاتب الصحفي يسري الفخراني، رئيس المحتوى الدرامي بالشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، كتب عبر صفحته الشخصية على «فيسبوك»، تاريخ أول إمساكية شهر رمضان، التي بدأت في مصر في حكم الوالي محمد علي باشا الكبير، وقبل وفاته بعامين في شهر رمضان «1262هـ / 1846م»، أمر بطباعة مواعيد الصلاة في شهر رمضان للتذكير بها.
وأضاف الكاتب الصحفي أنّ إمساكية رمضان تم طباعتها لأول مرة في دار الطباعة الباهرة ببولاق، وكانت عبارة عن ورقة صفراء بعرض 27 سم وطول 17.5 سم، وتم توزيعها في المساجد والأسواق، وطبع عليها اسم الوالي وتبريكاته للشهر الكريم.
وسيم عفيفي، الباحث في التراث ورئيس تحرير موقع تراثيات، يقول خلال حديثه لـ«» إنّ لفظ إمساكية هو في الأصل لفظ عربي ومشتق من كلمة «إمساك»، والذي يعني التوقف عن الطعام والشراب كـ صيام في وقت الفجر، وأنه غير معروف أول من أطلق ذلك الاسم عليها.
وأضاف أنّ تاريخ الإمساكية يرتبط بتاريخ الطباعة في مصر، والتي عرفتها في زمن الحملة الفرنسية ثم تطورت في عصر محمد علي باشا، لكن جاءت الإمساكية بعد إنشاء المطبعة في مصر بنحو ربع قرن، وأول إمساكية في مصر كانت إمساكية ولي النعم في رمضان لسنة 1262هـ / 1845م؛ وكان فيها مواقيت الصلاة وموعد السحور.
إمساكية رمضان جرى طباعتها في دار الطباعة الباهرة في بولاق مصر، وضمّت الإمساكية حينها خانات مختلفة مثل «غروب القمر»، و«طلوع القمر»، وطُبع على ورقة صفراء ذات زخرفة بعرض 27 سنتيمترات وطول 17 سنتيمترات، وكتب عليها «أول يوم رمضان الإثنين، ويرى هلاله فى الجنوب ظاهرًا كثير النور قليل الارتفاع ومكثه خمس وثلاثون دقيقة»، كما أرفق معها صورة محمد علي باشا.
تطور شكل إمساكية رمضان عبر العصور
وتابع عفيفي أنّ تطور الإمساكية بشكل سريع كان في أواخر ثلاثينيات القرن الماضي، وجاء مع حالة تعدد الوكالات التجارية في مصر مثل داوود عدس وشيكوريل وغيرها من الأماكن التجارية، إذ كان هذا التطور مكمنه أن الإمساكية لم تنحصر في كونها أداة تحديد لمواقيت الصلاة والسحور، وإنما اشتملت أيضًا على حِكَم دينية وأحاديث نبوية وآيات قرآنية، وشيئًا فشئيًا كان ميسوري الحال يطبعونها على ذلك النحو.
وأشار الباحث في التراث إلى أنّ الصحافة لم تؤثر على تطور الإمساكية، فالصحافة الورقية أيضًا حاولت تأدية نفس الدور من حيث نشر مواقيت الصلاة وموعد السحور والإفطار والإمساك، ويلاحظ ذلك في أرشيف صحف الأهرام والأخبار والجمهورية وقبلها المقطم والبلاغ والمصري.
ويقول وسيم عفيفي إنّه لم يعد للإمساكية الورقية أي دور ولا ظهور في الوقت الحالي، بسبب التطور التكنولوجي، إذ حلت التطبيقات المختلفة في الهواتف مكان الإمساكية، وبالتالي أصبحت أهميتها رمزية من باب كونها شكل من أشكال النوستالجيا.