فطر الكمأة البيضاء أو كما يعرف في منطقتنا العربية بـ«الفقع» أو «الترفاس»، جذب الناس منذ قرون طويلة، وعلى الأرجح أنّ سحر هذه النبتة الغريبة يكمن في رائحتها التي لا تقاوم، ولطالما كان تاريخ هذا اللؤلؤ الأبيض والأسود من الأرض مليء بالغموض، إذ تعتبر الكمأة من أغلى أنواع الفطر والمآكل لعدة أسباب، أولها أنّها فطر نادر وينمو وحده وتصعب زراعته، ويصل سعر الكيلو الواحد أحيانًا إلى آلاف الدولارات، ويصل حتى 200 ألف يورو للكيلو جرام الواحد.
ما هي الكمأة البيضاء أو الفقع؟
الكمأة البيضاء عبارة عن فطر ينتمي إلى عائلة الفطريات التي تسمى العائلة الترفزية Terfeziaceae، وهو فطر بري غالي الثمن وعالي القيمة الغذائية، ينمو في الصحراء بعد سقوط الأمطار التي تكون مصحوبة بالبرق والرعد، متطفلًا على جذور بعض النباتات الصحراوية، منها مثل المتنان «Thymalea» والرعل «Helianthemum».
مناطق نمو فطر الكمأة الصحراوي
بحسب الدكتورة وفاء عامر، أستاذ النبات بكلية العلوم جامعة القاهرة، فإنّ الكمأة تنمو في الصحراء في المناطق القاحلة وشبه القاحلة، مثل صحراء كالاهاري، وحوض البحر الأبيض المتوسط ويشمل شمال إفريقيا، وفي مصر تنمو في شمال الصحراء الغربية، وعلى وجه الدقة الساحل الشمالي الغربي في الأراضي الكلسية، كما توجد أيضًا في سوريا، وأذربيجان، وإيران، والكويت، والعراق، وصحراء النقب في فلسطين، والصحراء، والسودان والمملكة العربية السعودية، وقطر، وليبيا، وإسبانيا، واليونان، وقبرص، والمجر، وكرواتيا، والصين.
وتضيف أستاذ النبات لـ«»، أنّ هذا الفطر ينمو متطفلًا على جذور بعض النباتات في المناطق الجافة وشبه الجافة، وهو فطر نادر ينمو بريًا وتصعب زراعته، وقد تمت عديد من المحاولات لزراعة وإكثار هذا النبات بزراعة الأنسجة أو الإكثار بالمعمل، لكن باءت جميع المحاولات بالفشل.
اقرأ أيضًا: فوائد صحية مذهلة لتناول نبات «الكمأة».. أوصى به الرسول
فطر الكمأة الصحراوي
وتقول «وفاء»، إنّ هناك أكثر من 70 نوعا من الكمأة على مستوى العالم، معظمها في أوروبا، ويوجد عدة للكمأة، منها الأبيض والأسود والرمادي والبني وغيرها، ويقوم البدو بتجميع الفطر من التربة يدويًا لبيعه بالأسواق.
التربة المثالية لنمو فطر الكمأة الصحراوي
وفقا لأستاذ النبات بجامعة القاهرة، فإنّ نبتة الكمأة عادة ما تفضل التربة الجيرية أو الكلسية والطينية أو القليلة الأملاح، إذ يتطلب نمو فطر الكمأة توفير الرطوبة ودرجة حرارة مناسبة تتراوح بين 20 و25 درجة مئوية تقريبًا، كما تحتاج إلى ظلام كامل للنمو.
وتعتبر الكمأة فطرًا متعدد الاستخدامات، وتصل نسبة البروتين به إلى 25%، أما الدهون فتصل نسبتها إلى 6%، كما يحتوي نسب عالية من الفوسفور والسيلينيوم والزنك والمنجنيز وفيتامينات (أ) و(ب) و(س) و(د) و(ك)، ويستخدم في عديد من الوصفات الغذائية، وأيضًا كمكمل غذائي، بالإضافة إلى عديد من الاستخدامات الطبية، كونه يحتوي على كثير من مضادات الأكسدة، كما وجد أنّ مستخلصات بعض أنواع الكمأة تحد من نمو سرطان الرئة والكبد والقولون والثدي.
سعر الكمأ الأبيض
بحسب المكتبة ية للطب «National Library of Medicine»، فإنّ الكمأ من بين أكثر المكونات قيمة في عالم الطهي، ويمكن أن تجلب مئات الآلاف من اليورو للكيلوجرام الواحد، اعتمادًا على النوع والحجم، وتمثل أوروبا 85% من سوق التصدير العالمي، حيث ينمو الكمأ الأسود والأبيض الأكثر رواجًا في فرنسا وإيطاليا وكرواتيا وسلوفينيا والمجر، ومن بين الأنواع المختلفة من الكمأة، هناك ثلاثة أنواع فقط لها أهمية تجارية: الكمأة البيضاء (Tuber magnatum Pico)، الكمأة السوداء (Tuber melanosporum Vittad)، والكمأة الصيفية (Tuber aestivum).
وتعتبر الكمأة البيضاء، أكثر الأنواع قيمة، لكن يقتصر انتشارها على أراضي الفيضانات الغنية بالحجر الجيري في إيطاليا وشبه جزيرة البلقان، في حين أنّ الكمأة السوداء أكثر أنواع الكمأة انتشارًا في أوروبا.