الإنسان لا يتوقف عن ارتكاب الذنوب، وفي المقابل لا يكف الله عن المغفرة إذا تاب إليه العبد توبة نصوحة، وترك الذنب لقبحه والنَّدمُ على فعله، وبذل الجهدِ للتكفير عنه والعزيمة على الإقلاع منه، وإبداله بالأعمال الصَّالحة؛ تقربًا إلى الله واستِدراكاً لمَغفرته ورضوانه، قال تعالى في كتابه العزيز: «إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ».
التوبة من المعصية واجبة شرعًا
وتقول دار الإفتاء عبر موقعها الإلكتروني، إنّه من المعلوم شرعًا أن التوبة من المعصية واجبة شرعًا باتفاق الفقهاء؛ لأنها من أهم قواعد الإسلام، فعن أبي بكر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «مَا مِنْ رَجُلٍ يُذْنِبُ ذَنْبًا ثُمَّ يَقُومُ فَيَتَطَهَّرُ، ثُمَّ يُصَلِّي ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ اللهَ إِلَّا غَفَرَ لَهُ»، ثم قرأ هذه الآية: «وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ» [آل عمران: 135].
ويستحب للمسلم إن وقع في المعصية أن يتوضأ ويحسن الوضوء، ثم يصلي ركعتين يجتهد فيهما بأن يستحضر قلبه ويخشع لله تعالى، ثم يستغفر الله، فيغفر الله تعالى له، وعليه كذلك أن يحقق شروط التوبة بأن يندم على المعصية، ويعزم على عدم العودة إليها، وإن كانت تتعلق بحق آدمي رده إليه.
إذ أكدت دار الإفتاء أنّه متى تاب العاصي من معصيته واستغفر الله لذنبه قَبِل الله توبته وغفر له؛ قال تعالى: «وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُورًا رَحِيمًا» [النساء: 110]، وقال عزَّ وجلَّ: «وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ».
ومن شروط التوبة أيضًا الندم الشديد على ما فعل، والعزم الصادق على ألَّا يرجع إلى المعصية، وليُكثر من الاستغفار وقراءة القرآن والصلاة وعمل الخير أملًا في رحمة الله ومغفرته ورضوانه؛ فقد ورد أن هذه الأمور تكفِّر الذنوب وتمحو الخطايا؛ قال تعالى: «إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا» [الفرقان: 70]، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن» رواه أحمد.
علامات قبول التوبة ومحبة الله
وتتمثل علامات قبول التوبة ومحبة الله بحسب دار الإفتاء المصرية في أنّ يوفق العبد للعمل الصالح بعدها، فإذا تاب الله على العبد يُلقي في قلبه حب الصلاة، أو يُلقي في قلب العبد حب القرآن، أو يرزق الله العبد بصديق صالح يأخذ بيده نحو عمل الخير، وهي كلها من علامات قبول التوبة وحب الله.
ويستدل على ذلك عندما مرّت رابعة العدوية على رجل يصلي ويدعو الله أن يُظهر له آية تدل على قبوله، فقالت له: «يا هذا إن كنت راضٍ عن الله فاعلم أنّ الله راضٍ عنك»، بمعنى أنّه طالما قلب العبد راضِ عن ربه سبحانه وتعالى فهذا دليل رضا الله عليه، لأنّ الله لا يخلق الرضا في قلب عبده إلا أن يكون قد رضي عنه.