| مبادرة «سوريا الأهل»: نقدم الدعم المادي والنفسي للاجئين السوريين

من خلال مبادرة «سوريا الأهل»، اختار باسم الجنوبي، الباحث في الإدارة الثقافية، مساعدة اللاجئين السوريين، بشتى الطرق، بعد أن رأى أن السوريين ليسوا مجرد وافدين من جنسية أخرى، بل أشقاء في العروبة والدماء، وتأكيدا على اسم مصر كداعم وحضن كبير للدول العربية من حولها.

«منذ 11 سنة، بدأت حملة تحت عنوان ثقافة للحياة، كانت تهدف إلى مناقشة الكتب والنصوص الأدبية لكبار الكتاب، متأثرا بالكاتب السوري الكبير عبد الرحمن الكواكبي، ولكن سرعان ما تغيرت دفة الحملة، بعد بدء توافد اللاجئين على مصر، إذ قررنا إطلاق مبادرة سوريا الأهل تحت مظلة الحملة، بهدف توفير مساعدات لهم، إلى جانب سد الفراغ النفسي والثقافي الذي نشأ بفعل بعدهم عن أرضهم»، هكذا قال باسم الجنوبي، 36 عاما، الذي لم تشغله مسؤوليات عمله أو أسرته عن متابعة المبادرة وتوسيع عملها حتى شملت معظم محافظات مصر تقريبا.

كان أول بند اهتمت به المبادرة بحسب «باسم»، هو توفير فرص عمل للقادمين، وهو ما أطلق عليه بند التشغيل: «في البداية ساعدنا بشكل ودي 10 أشخاص سوريين خلال ثلاثة شهور، على الحصول على فرص عمل، خصوصا أنهم كانوا العائل الوحيد لعائلاتهم، ومن ثم قررنا أن يصبح هو أول بنود مبادرتنا، فحولنا أنفسنا إلى حلقة وصل بين العمالة السورية القادمة إلى مصر، وأصحاب الشركات والمؤسسات والمحلات والمصانع، نخبرهم بتخصص ومؤهلات الشخص السوري، وعلى أساس ذلك نحاول إيجاد فرص عمل».

أما الأسر التي لم يكن لها عائل، مثل السيدات المسنات، الأرامل، المطلقات، أو المرضى، فكان يتم اعتماد مشروع «المطاعم المنزلية»، وهو البند الثاني الذي عملت عليه الحملة بحسب «باسم»: «طلبنا من السيدات السوريات اللاتي لا يملكن أي مصدر مالي، أن يبدأن في الطهي المنزلي، ونحن نساعدهن على التسويق، وبالفعل نجحنا بشكل هائل، وانتشر المشروع على مستوى محافظات مصر، منها الإسكندرية، الفيوم، وغيرهما، حتى إن السيدات السوريات صرن يوظفن معهن سيدات مصريات، هذا إلى جانب تقديم المساعدات المالية والعينية لهم خلال المناسبات والأعياد الرسمية، بشكل مستمر».

لم يغفل «باسم» مع بقية أفراد المبادرة، عن جانب الدعم النفسي والثقافي والتعليمي، كمحاولة لمساعدة اللاجئين على إيجاد متنفس للتعبير عن أنفسهم، والتواصل مع غيرهم من اللاجئين: «في مقر المبادرة في مدينة نصر، نوفر لهم ندوات تثقيفية، نناقش فيها أشعار كبار الأدباء والشعراء السوريين، إلى جانب عرض خبرات السوريين الأوائل كيف اندمجوا في المجتمع بسرعة، مع إتاحة مساحات خالية للأسر التي ترغب في تعليم أبنائها، أو مراجعة الدروس المدرسية، أو حتى القراءة والنقاشات بشكل عام».

وحول فكرة قطع المعونات وكيف تعاملوا معها، أكد «باسم» أنهم في المبادرة استقبلوا الكثير من الشكاوى الخاصة بسوريين استبعدُوا دون أي تنبيه أو اشارة من برنامج الغذاء العالمي، وهناك آخرين غير قادرين على الحصول على الإعانات المالية من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في مصر، رغم تقدمهم للتسجيل أكثر من مرة: «اللاجئون السوريون يعانون من مشكلتين، الأولى هي الزياد المطردة في أعدادهم في مقابل انخفاض الدعم الموجه لهم في صورة إعانات مالية أو سلال غذائية شهرية، وهذا سببه انخفاض التمويل الذي تحصل عليه المفوضية، وغياب فكرة تقييم لحال الأسر كل فترة لمعرفة مدى استحقاقها للدعم، التي تتم أحيانا بشكل غير مدروس».

وأضاف «باسم»، أن المبادرة حاولت التواصل مع المفوضية، وكانت تستجيب في البداية، أما حاليا فالأمر صار بلا جدوى، وصار الاعتماد على مؤسسات المجتمع المصري بشكل كامل: «مثل ما حدث في الأردن قبل عام، من استبعاد 12 ألف حالة سورية من برنامج الغذاء العالمي، وتم منع المساعدات الغذائية الدولية عن ما يقارب 1000 أسرة سورية، أي 20% من نسبة المستفيدين من تلك المساعدات في مصر، وقد تواصلت معنا كم كبير من الأمهات المعيلات الخائفة، فقد كانوا يعتمدن على تلك المساعدات، وكم مفجع ونذير خطر خاصة مع غلاء الأسعار ووجود مئات الأسر التي بها مرضى ومعاقين ومسنين وأطفال لم يتضرروا فقط من معاناة الحرب والهجرة، لكن يزيد عليهم حاليا منع الغذاء عنهم من المفوضية، ونحن حاليا نحاول احتضانهم، وتقديم الدعم لهم».