| «مبروك» طباخ «قد الدينا» انتهى به الحال على الرصيف: عاصرت ملك و8 رؤساء

على كرسي بسيط متهالك، يجلس محمد مبروك، صاحب الـ74 عامًا، أمام محطة مترو كلية الزراعة في شبرا الخيمة، وفي يده اليمنى سبحة يتلو معها ما يحفظه من عبارات الحمد والشكر إلى المولى سبحانه وتعالى، وأمامه بعض أكياس المناديل الورقية التي يحاول بيعها، على أمل أن يساعده ذلك في توفير قوت يومه، بعد أن كبر في السن وأصبح غير قادر على العمل كطباخ في المطاعم ومحلات الأكل المختلفة، كما اعتاد منذ عقود طويلة من الزمن.

يحكي «عم مبروك» بائع المناديل، أنه يعيش وحيدًا بعد أن توفيت زوجته في العام الماضي وتركته وحيدًا بعد معاناتها مع الفشل الكلوي: «فضلت 6 سنين تحت رجلها، كانت بتغسل كلى وكان عندها ضغط وأمراض تانية، بس عمري ما سبتها كنت شيلها في عيني، لحد ما ربنا رحمها من الألم».

 

ذاكرة قوية

مرور قطار الزمن على «عم مبروك»، أفقده الكثير من صحته وشبابه وقوته، لكنه لم يستطع التأثير في ذاكرته القوية، التي ينبهر بها كل من يستمع إلى أحاديثه، بالأخص حين يعلم أنه يتذكر كل الأحداث الرئيسية في حياته بتاريخ يوم وشهر وسنة حدوثها: «مش باقي مني غير شوية مخ، الحمد لله إنهم لسه موجودين، أنا عاصرت كل حكام مصر من أيام الملك فاروق، لحد الرئيس السيسي، فاكر لما كنت بروح اتفرج على الملك فاروق في قصر عابدين، أنا والعيال من سني وهو خارج بالحصان في موكبه».

طباخ وسفرجي وشيف ومهن أخرى، عمل بها «عم مبروك» طيلة حياته، التي قضاها بين المطاعم ومحلات الأكل المختلفة، حتى شعر بالتعب وأن جسده لا يتحمل مشقة مهة الطبخ مثل السابق: «إيدي ضعفت مرة واحدة، بعد ما شالتني سنين، مش قادرة تشيل مغرفة ولا كبشة، فسبت الشغلانة من سنة 2010، ومن وقتها وأنا بيبع مناديل، لأنها الشغلانة الوحيدة اللي تناسب صحتي دلوقتي».

«عم مبروك» يحلم بعمرة

رغم الحالة الصحية الصعبة، التي يتواجد عليها الرجل المسن حاليًا، إلا أنه يرفض كل مطالب أولاده بالبقاء في منزله دون عمل لينفقوا عليه: «اللي زيي مش متعود يبقى تقيل على حد، كل واحد فيهم عنده حياته وبيته وأولاده وربنا يعينه عليهم، مش عايز أعيش آخر أيامي وأنا تقيل على حد، عايز أعيش مستور لحد ما ربنا يجمعني بخير بمراتي عنده».

يحلم الرجل السبعيني بأداء العمرة ويتمنى الرحيل عن الدينا أملا في لقاء زوجته الراحلة: «مراتي ماتت 27 يوليو 2020، فات على وفاتها سنة وشهور، بعدهم باليوم، نفسي أروحلها قريب، الحياة من غيرها ملهاش طعم، عشان كدا بحلم ربنا يرزقني بعمرة عشان أدعيلها هناك قدام الكعبة وهناك هدعي ربنا ياخدني ليها».