مُهمة إنسانية لتخفيف حدة الاضطرابات النفسية لدى الأطفال مرضى السرطان، قدمها الدكتور خالد مجاهد، مدرس مساعد بقسم الصحة النفسية جامعة الأزهر، ضمن محتوى رسالة الدكتوراه الخاصة به، التي تحمل عنوان «برنامج إرشادي قائم على الأنشطة الفنية والترويجية في خفض بعض الاضطرابات النفسية لدى أطفال مرضى السرطان».
اختار «مجاهد» مستشفى دار السلام للأورام، ليكون وجهته ويلتقي بالصغار المحتجزين خلال رحلة علاجهم الشاقة، إذ ظل على مدار 6 أشهر يعالجهم بالفن من خلال أنشطة فنية وترويحية متعددة: «برنامج كامل لمدة 36 جلسة عن الاضطرابات النفسية، وحاولت أعالجها بالرسم، وطلعت منهم أولاد موهوبين جدا، وعملوا لوحات غاية في الجمال، وما زلت بروح المستشفى مرة كل أسبوع بعد ما قررت أتطوع فيها».
«مجاهد»: برنامج طُبق على 30 طفلاً من مرضى دار السلام للأورام
نفذ «مجاهد» مُهمته مع 30 طفلاً من الجنسين، كان يقابلهم ثلاثة أيام أسبوعيا، بعد إعداد برنامج كامل لهم، للحديث عن تقدير الذات والتمسك بالأمل عن طريق الفن، وعرض نماذج لأطفال متعافين من السرطان وحكى قصصهم، لتحفيز أقرانهم المرضى على التعافي: «الموضوع فرق معاهم جدا لما سمعوا عن أطفال زيهم قدروا يحاربوا السرطان ويخفوا، لأن معظمهم بيكون متخيل إنه خلاص هيموت ونفسيته بتتأثر جدا».
استخدم «مجاهد» فنونا متعددة لمساعدة الصغار على التعافي، منها فن الكولاج الذى يعتمد على تجميع الورق وعمل أشكال ورسومات، فضلاً عن طرح موضوعات عن التحدي والأمل والصداقة، لمحاربة اضطرابات التواصل الاجتماعي، التي تجعلهم في عزلة بسبب فقدان شغف الحياة، والمصاحب له أعراض اكتئاب مثل قلق الموت وعدم الاستقرار في الحالة الصحية.
يحكى إخصائي العلاج بالفن أن المستشفى مزودة بغرفة تضم كل أنواع الآلات الموسيقية، مما سهل على الأطفال التعبير عن مواهبهم سواء بالغناء أو العزف، مشيراً إلى أن الصغار أخرجوا أجمل ما فيهم من مواهب مدفونة: «أعمارهم يدوب من 6 لـ12 سنة، وعملوا شغل رائع»، لذا كان يحرص خلال الـ6 أشهر على قياس مدى نجاح برنامجه، وأظهرت الدراسة التي كان يجريها كل شهرين، أن هناك تقدماً ملحوظاً في الحالة النفسية للمرضى الصغار: «قدرت أعالج عندهم اضطراب التواصل، وبدأوا يتواصلوا مع بعض، ويزوروا بعض في غرفهم، ويتعرفوا على بعض، والأعراض الاكتئابية قلت بنسبة 62%».
اكتشاف مواهب الأطفال والرغبة في تبنيها
ويستعد «مجاهد» لمناقشة رسالة الدكتوراه الخاصة به عقب إجازة عيد الأضحى مباشرة، خاصة أنه اكتشف مواهب لدى الأطفال ويتمنى أن يتم تبنيها ودعمها: «ده هينعكس عليهم إيجابيا، وهيسرع من فرص شفائهم واستجابتهم للعلاج».
يقول «مجاهد» إن الأطفال في حاجة لمساندتهم وتقديم أنشطة فنية لهم تكسر روتين العلاج، وتجعلهم يحبون فكرة الذهاب للمستشفى أو الإقامة به لتلقى العلاج وجلسات الكيماوي، من خلال توفير عدة فعاليات محببة إلى قلوبهم وتناسب أعمارهم، وفي نفس الوقت تسهم في علاجهم: «الفن بكل أنواعه نجح إنه يساهم في تحسين حالة الأولاد النفسية، وده اللي شجعني على الاستمرار حتى بعد الانتهاء من الرسالة».