تجتمع الأسر حول مائدة الطعام، بالتزامن مع انطلاق مدفع الإفطار وأذان المغرب، لتوديع ساعات طويلة من الصيام، بينما يتأخر بعض الأشخاص عن «فك صيامهم» بسبب طبيعة عملهم الشاقة والتزامهم بمواعيد يصعب كسرها، منهم هالة فايد، 24 عامًا، التي تعمل بإحدى شركات خدمة العملاء، تستقبل المكالمات الهاتفية، التي تكثر قُبيل مدفع الإفطار: «جالي مكالمة من عميل داخل الإمارات، وفضل معايا نص ساعة وفرق التوقيت بينا ساعتين والمغرب أذن وأنا قاعدة أسمع وأرد عليه، لإني ماقدرش أسيب الشغل وأقوم».
موظفة خدمة عملاء: بتحرم من لمة الفطار
تحكي أن مواعيد الراحة تُقسم وفقاً لحاجة العمل، لا لتناول الإفطار: «أنا ليا ساعة بريك في اليوم متقسمة على 3 مرات»، مؤكدة أنها دائمًا تحصل على راحتها الساعة 3 عصرًا، وهي صائمة لا تستطيع فعل شىء سوى راحة أذنيها التي لا تكف عن الاستماع للعملاء.
تمر عليها ساعات الصيام وكأنها دهر، تقاوم الجوع والعطش ومكالمات العملاء التي تطول وتكثر، خاصة مع اقتراب مدفع الإفطار، مشيرة إلى أن الشركة تتعامل معهم في رمضان على أنه مثل باقي شهور السنة: «الشيفت ساعات من 12 وحتى 9 مساءً، فممكن أطلب أكل من بره وأستنى أول بريك، وده بيحرمني من لمّة رمضان ودفا العيلة».
طبيب وممرضة يسعفون المرضى على حساب إفطارهم
«شخص غارق في دمائه وسيدة تنزف من يديها، وشاب انكسرت قدماه».. مشاهد تكثر أمام عين عبدالرحمن باشا، طبيب عناية مركزة، قُبيل موعد الإفطار، فيضطر لإنقاذها حتى تمر ساعة واثنين فأكثر، دون شربة ماء، فيأتي موعد إفطاره بالتزامن مع السحور، بحكم طبيعة عمله، التي يتفهمها تماماً وتعود عليها.
«الاستقبال بيكون هادى طول اليوم، وقبل الإفطار بتكتر الحوادث بسبب إن الناس بتكون مستعجلة ومتعصبة وعايزة تروح» حسب «عبدالرحمن»، مؤكداً أن مواعيد العمل في رمضان تختلف عن باقى الأيام، وتتطلب وجود للأطقم الطبيبة باستمرار، مشيراً إلى أنه يقضى وقتاً طويلاً داخل المستشفي، خاصة وقت الإفطار: «في مرة قبل الإفطار على طول لاقيت ست داخلة عليا وإيديها متعورة من سكينة المطبخ كانت بتجهز الأكل ومستعجلة ومطلوب إنى أخيطها بسرعة عشان ترجع بسرعة، ودايماً بنواجه ضغط كبير من الأهالى وطبعاً فيه حالات بتستدعى دخول العمليات».
لا ينسى المرة التى جاء فيها شاب مكسور وآخر يحتاج لخياطة وبينهما شخص تتطلب حالته دخول العمليات، فقضى 3 ساعات متواصلة في مساعدتهم حتى جاءت الساعة التاسعة وهو دون أكل: «ماقدرتش حتى أكسر صيامى بس الحمد لله ده دورنا وإحنا مستعدين طول الوقت نقوم بيه حتى لو هنيجى على نفسنا».
15 نباطشية في رمضان، بمعدل 12 ساعة متواصلة لكل منهم، تقضيها منى طالب، ممرضة، داخل أحد المستشفيات بكل حب، رغم معاناتها وحرمانها من تناول الإفطار برفقة أبنائها وعائلتها، ترى أن ما تقوم به يعادل الجهاد في سبيل الله: «إحنا بنحارب المرض وبنساعد المريض يخف ويرجع بيته سالماً معافي».
تحكى صاحبة الـ47 عاماً، أن هناك مرات كثيرة تكرر فيها رفع أذان المغرب في شهر رمضان وهى داخل غرف المرضى، تتابع حالاتهم وتلبى احتياجاتهم دون شكوى، ثم تنتظر مرور ساعتين أو أكثر مع انتهاء «الشيفت» لتجلس في ركن لتناول الماء والعصير وبعض الأطعمة: «مرة قعدت أسبوع متواصل جوه المستشفي وكنت مسئولة عن قسم لوحدى ومرة قعدت 18 يوم ماباشوفش ولادى».