| «محمد» مُسن يعمل في صالون حلاقة: مراتي بتحتاج 2000 جنيه علاج شهري

كَبُر سنه ولايزال قلبه نابضا بحيوية الشباب دون أن يأبه ليديه المرتعشتين ولا جسده الواهن، نال الشيب من رأسه دون أن ُيبقى على شعرة واحدة سمراء، قسمات وجه تعكس رحلات كفاح دامت لسنوات طويلة، عاشها «محمد»، في العقد التاسع من عمره، يقضي أغلب أوقاته داخل صالون الحلاقة الخاص به مُنتظرًا زبونًا  ليجني ما يُمكّنه من الإنفاق على علاج زوجته المُسنة والمريضة.

«محمد محمد عامر»، 85 سنة، تعود جذوره إلى محافظة الدقهلية حيث مدينة المنصورة، كان يعيش بمُحيط مسجد «سيدنا الحسين»، إلا أنه انتقل منذ ما يقارب 50 عامًا إلى حي بولاق الدكرور بمحافظة الجيزة.

رحلة «عم محمد» في الحلاقة 

بصوتٍ واهن وكلمات هادئة بدأ «عم محمد»، يروي  لـ«»، تفاصيل رحلة كفاحه، وهو يحاول التقاط أنفاسه بين الكلمة والأخرى، لافتا إلى أنه عَمَلَ في مهنة الحلاقة وهو لا يزال حديث السن، وهي مهنته التي اعتاد عليها ولا يعرف الطريق إلى سواها، وأنه متزوج ولديه 5 أبناء «3 أولاد وبنتين».

«عندي ابن عايش في السعودية وواحد عايش في السودان، وواحد عايش هنا في البحوث شغال فرد أمن»، قالها «عم محمد»، مشيرا إلى أن ابنتيه تزوجتا منذ زمن، إلا أن «شادية»، 61 عامًا، وهي إحدى ابنتيه، طُلقت من زوجها لفساده، واضطرت  إلى التنازل عن الشقة وكافة حقوقها، والآن تعيش على معاشها الشهري، إذ كانت موظفة في مركز البحوث الزراعية بمحافظة الجيزة.  

يحصل «عم محمد» على 1100 جنيه تأمين شهري على صالون الحلاقة، يدفع منها 65 جنيها، إيجارًا شهري للصالون، و25 جنيها إيجارًا للشقة التي يعيش فيها برفقة ابنته المطلقة وزوجته المريضة، إلى جانب فواتير الخدمات الأخرى من كهرباء ومياه وغاز.

رعايته زوجته المريضة 

رغم الهزل والضعف الذي يتسلل بشدة إلى جسد «عم محمد»، إلا أنه يأخذ على عاتقه رعاية زوجته صاحبة الـ 80 عامًا، مريضة بالكُلى، يهتم بها ولا ينزل إلى عمله صباحًا قبل أن يطمئن إلى تناولها الدواء في موعده: «بنزل المحل الساعة 12 الضهر وبرجع بالليل الساعة 10»، موضحا أن زوجته تحتاج لعلاج شهري تكلفته 2000 جنيه.

«عم محمد»: ساعات بيجيلي شاب ويقلق يقولي طب أنت هتعرف تحلقلي؟!

كِبر السن الذي فرض ملامحه على جسد ووجه «عم محمد»، يتسبب في قلق بعض الزبائن من حلق رؤوسهم على يديه، وخاصة الشباب: «ساعات بيجيلي شاب ويقلق يقولي طب انت هتعرف تحلقلي؟!.. أقوله أه محلقلكش ليه؟!»، لافتا إلى أنه حاول تجاوز تلك المُعضلة التي تؤثر على عدد من زبائن المحل عبر الاستعانة بشاب يعمل معه لكنه سريعًا ما طرده وعاد إلى وحدته: «لقيته شخص مش أمين ومشيته».