ابتسامة عريضة تكسو وجهه الصغير، يستقبل بها زبائنه المقبلين دائما عليه ليروي عطشهم الذي يعانون منه طوال اليوم في ظل ارتفاع درجات الحرارة، هكذا يقضي محمود عبدالغني يومه داخل معصرته الصغيرة، تاركًا دوره كطالب جامعي خارج جدرانها لجمع قوت يومه من أجل استكمال دراسته.
محمود عبد الغني، ابن مدينة أبنوب التابعة لمحافظة أسيوط، طالب في كلية خدمة اجتماعية جامعة أسيوط، بدأ ممارسة عمله الذي توارثه من أبائه وأجداده منذ بلوغه 8 سنوات، ليجد نفسه داخل محل عصير القصب: «اتولدنا لقينا أبويا وأعمامي وأجدادي شغالين في نفس الشغلانة علشان كده بقت مهنتنا اللي بنتوارثها من واحد للتاني، لغاية ما عملنا عدد ضخم من محلات العصير في مختلف محافظات مصر تخطى الـ30».
«عمر الشغل ما أثر على دراستي»، بحسب «عبدالغني» لـ«»: «كنت حريص دايما على الشغل وقت الإجازة فقط، لكن أول ما الدراسة تبدأ لازم أكون موجود في أسيوط علشان أروح محاضراتي وأذاكر مواد كليتي وعلشان كدة بأنجح في كل سنة».
ولا يأبه صاحب الـ21 عامًا لنظرة الأخرين إليه، كبائع رغم كونه طالب جامعي، كما روى «عبدالغني»: «بهتم بالكلام الإيجابي من صحابي اللي بيدعموني دايما، لكن الكلام السلبي بأعمل نفسي مش سامعه علشان ميأثرش عليا».
«عبدالغني»: طباع الصعيد تغلب علي داخل محل العصير
ويعود سر قدوم «عبدالغني» إلى محلات العصير التي تمتلكها عائلته داخل القاهرة، وعدم الاعتماد على العمل داخل الصعيد إلى الطباع الصعيدية التي يتحلى بها والمتمثلة في اعتبار العمل كبائع في بلدته أمرًا يخجل منه.
ولم تترك طباع الصعيد «عبدالغني» داخل القاهرة: «مستحيل أمشي حد جاي طالب عصير حتى لو كنت بغسل المعدات، بخلصهم في أسرع وقت وأغسله كوباية منهم أصبله فيها لغاية ما أكمل غسيل، لكن في الوقت نفسه بأطرد أي ولد جاي مع صاحبته وألاقيهم جايين يحبوا بعض في المكان علشان ما أعملش شبهة لنفسي وللمكان».