بجلباب صعيدي وعمة بيضاء صعيدية، ولحية كثاها الشعر الأبيض، وبعمر تجاوز الستين بأربعة أعوام، يقف إبراهيم حسين، 64 عاما، على السبورة داخل أحد الفصول بإحدى مداس محافظة أسوان، ليكمل رسالته في التعليم التي بدأها منذ 37 عاما، لكن هذه المرة متطوعا وليس معلما منتظما كما ظل طوال عمره، بعد أن علم بوجود عجز في معلمي الرياضيات، في الصف السادس الابتدائي بمدرسة الشريف إسماعيل بمركز كوم أمبو.
بدأت القصة بجلسة ودية بين «إبراهيم» وحفيدته، عندما سألها عن معلم مادة الرياضيات الذي يدرس لها، لترد عليه بأنه كان هناك إحدى المتطوعات تدرس لهم، وتوقفت عند وفاة والدها، وهم الآن بدون مدرس رياضيات، ليقرر المدير، الذي خرج على المعاش، العودة مرة أخرى لتدريس المادة التي ظل طوال عمره يشرحها.
المدير السابق يروي التفاصيل
كان إبراهيم قد خرج على المعاش منذ 4 سنوات، بعد قضائه 37 عامًا في التربية والتعليم، الـ10 أعوام الأخيرة منها مدير مدرسة، قبل أن يعود إليها مرة أخرى متطوعًا فيها للتدريس، «لما بنت بنتي قالتلي إن مفيش مدرسين، كل همي كان على الطلاب اللي مش لاقيين حد يدرسلهم، إزاي هيمتحنوا ويعدوا من المرحلة اللي هم فيها، وكنت فاكر المنهج كويس، وقررت أرجع أدرس حصتين كل يوم، وكنت مبسوط جدًا وسط الطلاب لأني افتكرت ذكرياتي وأنا معاهم».
وأثناء مرور مدير المدرسة، على الفصول، وجد الأستاذ «إبراهيم»، يقف أمام طلابه، ليقرر تصويره من شدة إعجابه بما يفعله المدير السابق: «لقيته صورني وأنا مش واخد بالي، وحقيقي ماكنتش عاوز أتصور لأني بعمل كده لوجه الله».
معاناة المدرسة من عجز المعلمين
معاناة المدرسة الآن من العجز في مواد كثيرة، منها الرياضيات، كانت الدافع الأول للأستاذ إبراهيم ليقطع إجازته النهائية ويعود للعمل متطوعا، وأيضا خوفه على مستقبل التلاميذ، «بناشد كافة المسؤولين بوزارة التربية والتعليم، بضرورة توفير مدرسين للمدرسة الابتدائية، وأنا مش وحدي اللي متطوع فيه كثير من الشباب المتطوعين غيري في المدرسة».