فى أحد شوارع عزبة حمادة بالمطرية، وبعض من الشوارع الجانبية، هناك مناظر تبهر من ينظر إليها منذ الوهلة الأولى، حينما تطأ قدمك أول الشارع ويتم النظر للأمام، ترى مجموعة من الطاولات الصغيرة المتراصة بجوار بعضها لتظهر وكأنها طاولة كبيرة يلتف حولها الآلاف من الكراسى فى منظر مبهج للعين، تتعالى الأصوات التى تطالب بسرعة الانتهاء من الاستعدادات اللازمة لاستقبال الطعام على هذه الطاولة، فضلاً عن وجود سماعات كبيرة محدثة بهجة عالية من الأغانى الرمضانية المختلفة، مصاحبة لزغاريد بعض سيدات العزبة التى تتراص بجوار بعضهن بشرفهن الخاصة، ينظرن للأجواء التى تحدث حولهن بنظرة حب ورضا وفخر بشباب وأبناء منطقتهن، الذين يعملون بكل حب وطاقة حتى يظهر هذا اليوم بالجمال المعهود عليه كل عام.
يوم يحكى عنه العربى أجمع وجميع وسائل الإعلام، وحال السير للأمام فى الشارع ذاته، تفوح روائح زكية وقوية محببة للقلوب، فهى تصدر من المطابخ التى تعد الطعام اللازم لأكبر مائدة، منها المشويات والمحاشى والأرز وغيرها من الأطعمة المختلفة، إذ تجد الجميع يعمل على قدم وساق فى استقبال الضيوف الذين أتوا من جميع أنحاء المحافظة للمشاركة فى هذا الإفطار الرائع، فضلاً عن الجنسيات الأخرى التى سمعت بهذه المائدة لتأتى حتى ترى ما هى المائدة التى أصبحت حديث جميع وسائل التواصل الاجتماعي، وهى أكبر مائدة إفطار فى المطرية.
كواليس الاستعداد لأكبر مائدة إفطار جماعي بالمطرية
بنبرة يكسوها الفخر والاعتزاز، تحدث بعض أهالى عزبة حمادة التابعة لمنطقة المطرية بالقاهرة، مع «» خلال مشاركتها بمائدة الإفطار، عن كواليس الاستعداد وإعداد أكبر مائدة إفطار جماعى على مدار سنوات طويلة، وكان من بينهم محمد على، الذى أعرب عن مدى سعادته بمشاركته فى إعداد هذه المائدة للعام التاسع، فضلاً عن كونه أحد الأفراد المشرفين على الاستعدادات.
وأوضح «على» أن أهالى المطرية -مسلمين أو مسيحيين- إيد واحدة، وفى رباط إلى يوم الدين، وأن هذا اليوم هو فرصة مناسبة ليقف الجميع بجانب بعضهم البعض، كما أن جميع الأهالى ينتظرون هذا اليوم على أحر من الجمر، الذى يعد بمثابة عيد لأهالى المطرية جميعاً، وذلك لما يشكله هذا اليوم ومائدة الإفطار من أهمية للجميع.بينما أضاف شريف صالح، 42 عاماً، أنه ينتظر يوم 15 من شهر رمضان، لحضور هذه المائدة، لما تضيفه من أجواء رمضانية مختلفة، وسط تجمع أهالى العزبة وفرحتهم به، وبوجودهم فى جو أسرى تحيطه الألفة والمحبة بينهم، تحت شعار «أهل وعزوة».
«هنا لمة بتلم عيلة» كلمات مكتوبة على أحد البنارات المعلقة فى عزبة حمادة، للاحتفال بأكبر مائدة إفطار فى المطرية، وذلك حتى تعبر عن مدى ترابط أهالى العزبة وتعاونهم حتى يظهر هذا اليوم بشكله المعهود، حسب تعبير عماد إبراهيم، صاحب الـ30 عاماً، موضحاً أن أهالى المطرية يظهرون فى قوة وبراعة مثل كل عام، فهذا ليس جديداً عليهم، مشيراً إلى أن الجميع أصبح يقتدى بأهل المطرية فى تعاونهم وحبهم لبعض الذى يظهر دائماً.
انتظار يوم الإفطار الجماعي بين العام والآخر
«بقيت أستنى اليوم ده من أول يوم فى شهر رمضان، اليوم ده فيه جمال ما يتوصفش، بحس براحة وفرحة كبيرة أوى.. خاصة وأنا شايفة الكل بيساعد بعض عشان يطلع اليوم بالجمال ده» هكذا عبرت «يوستينا»، صاحبة الـ27 عاماً، مشيرة إلى أنها فى مثل هذا اليوم من كل عام، تنظر من شرفتها الخاصة، لترى جمال وجدعنة أبناء منطقتها فى الاستعداد لأكبر مائدة إفطار جماعى فى المطرية، ومن ثم تقوم بتصويرها لمشاركتها عبر صفحتها الخاصة، حتى تُعلم الجميع بأنها تنتمى لهذه المنطقة والعزبة.
مشهد الإفطار الجماعى لمنطقة المطرية صعب تكراره
وأخيراً أكد سامح عبدالجواد أن مشهد الإفطار الجماعى لمنطقة المطرية صعب يتكرر فى أى بلد آخر، مشيراً إلى أنه يشعر بالفخر والاعتزاز لانتمائه لعزبة حمادة بالتحديد، كما أن هذه المائدة تؤكد أن رمضان فى مصر حاجة تانية والسر فى التفاصيل حقاً، فرحة اليوم يصنعها أهالى المطرية بأنفسهم رغم كل الظروف، مضيفاً أن هذا اليوم أصبح تقليداً سنوياً لا تمنعه إلا الظروف الصعبة، مثلما حدث فى عامَى 2020 و2021 بسبب جائحة كورونا التى مرت بها البلاد.