الكلاب الضالة – أرشيفية
حالة من الذعر الشديد تصيب الأطفال والكبار بمجرد رؤيتهم الكلاب الضالة بالشوارع، ولم يكن هذا الخوف وليد الصدفة، فـ ربما اقترن في أذهانهم بحادث مأساوي جعلهم ينفرون من أي كلب ضال بالشارع بمجرد رؤيته، حتى أصبحت الكلاب الضالة تمثل هاجسًا مخيفًا، وإحدى المشكلات التي لها العديد من الآثار السلبية والأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والصحية والبيئية.
حالات عقر الكلاب وصلت إلى 400 ألف حالة
وبحسب الدكتور أشرف أبو سعدة أستاذ الجراحة والتخدير والأشعة في كلية الطب البيطري بجامعة القاهرة، فإنّه لا توجد إحصائية دقيقة لعدد الكلاب الضالة في مصر ولكن في أقل تقدير لها 6.5 مليون وأقصى تقدير 20 مليون كلب، كما وصل عدد حالات العقر المسجلة في المستشفيات الحكومية عام 2022 إلى نحو 400 ألف حالة؛ 80% منها بسبب الكلاب الضالة.
وأضاف «أبو سعدة» لـ«» أنّ عدد حالات الوفاة الناتجة عن مرض السعار بلغت 100 حالة خلال نفس العام، ووصلت تكلفة الأمصال ضد مرض السعار عام 2022 إلى نحو 151 مليون جنيه، فيما وصلت تكلفة سم الإستكرنين المستخدم حاليًا لقتل الكلاب الضالة نحو 50 مليون جنيه سنويًا.
ومن وجهة نظر أستاذ الجراحة والتخدير بكلية طب القاهرة، تتمثل حل هذه المشكلة في مشروع قومي تتبناه الدولة لمكافحة الكلاب الضالة تتلخص محاوره الرئيسية في تشكيل لجنة عليا برئاسة رئيس مجلس الوزراء تضم كل الوزراء المعنيين بالمشكلة ولجان فرعية بكل محافظة برئاسة المحافظ وكل الجهات المعنية مثل الطب البيطري والصحة والبيئة والداخلية والتعليم والمحليات والجامعة ومنظمات المجتمع المدني وغيرها بالمحافظة.
وتتمثل أهداف هذه اللجنة بحسب «أبو سعدة» في توفير مركز أو أكثر لإيواء وتأهيل الكلاب الضالة بالمحافظة، والإشراف على تشكيل فرق من المتطوعين وأعضاء جمعيات الرفق بالحيوان والشباب «مقابل حافز مادي عن كل كلب» بعد تدريبهم بكليات ومديريات الطب البيطري وجمعيات الرفق بالحيوان على جمع الكلاب الضالة والاستعانة بالشركات الخاصة المتخصصة في جمع الكلاب الضالة.
وأضاف «أبو سعدة» أنّ من بين أهداف اللجنة تطبيق برنامج (T-N-V-R) طبقًا للمعايير الدولية بهدف جمع أكبر عدد ممكن من الكلاب الضالة لتعقيمها جراحيًا أو كيميائيًا وتطعيمها ضد مرض السعار وتمييزها بعلامة بالأذن، ثم إطلاق سراحها مرة أخرى، وأيضًا تعيين شباب الأطباء البيطريين نظرًا للعجز الشديد داخل الوحدات البيطرية للمساعدة في حل المشكلة داخل المحافظات.
ويقول الدكتور أشرف أبو سعدة، إنّ اللجنة تهدف أيضًا لتكليف طلاب المستوى الخامس بكليات الطب البيطري بالمساعدة في إجراء 30 عملية تعقيم داخل مراكز إيواء الكلاب الضالة كمشروع للتخرج، وعلاج الكلاب المريضة داخل مراكز الإيواء ثم إطلاق سراحها بعد الإجراءات السابقة.
وأضاف خلال حديثه لـ«»: «يمكن أيضًا من خلال اللجنة الاحتفاظ بالكلاب المسنة والمصابة بأمراض يصعب معها الحياة في الشارع، والقتل الرحيم للحيوانات المريضة بالسعار والأمراض الميئوس من علاجها، وانتقاء عدد من الكلاب الضالة لتدريبها على الحراسة بعد تعقيمها وتطعيمها وعرضها للبيع في مزادات علنية بشكل شهري أو للتبني للراغبين في اقتناء كلاب منزلية كونها لا تقل ذكاء أو مهارة في أغراض الحراسة عن السلالات الأخرى».
ويهدف «أبو سعدة» أيضًا من خلال اللجنة المشكلة إلى وضع خطة توعية وتثقيف للشباب في الجامعات والأطفال في المدارس ودور العبادة والنوادي والإعلام لترسيخ ثقافة الرفق بالحيوان والتخلي عن العدوانية ضد الحيوانات وعدم الخوف من الكلاب الضالة خاصة ذات العلامة بالأذن «المطعمة والمعقمة».
ميزانية المشروع القومي للتعامل مع الكلاب الضالة
وتتمثل أهداف اللجنة أيضًا في تشجيع المواطنين على إرسال الكلاب الأليفة المستغنى عنها لمراكز الإيواء وعدم إلقائها بالشارع، والحرص على جمع القمامة وإخلاء المقالب العشوائية بصفة دورية، والحد من استيراد الكلاب من الخارج وزيادة رسوم استيرادها، والتوسع في تطعيم وترخيص الكلاب الأليفة وزيادة رسوم الترخيص لتصل لتكلفة تعقيم 3 كلاب ضالة على الأقل.
ويقول أستاذ الجراحة والتخدير إنّ أهداف اللجنة تتمثل أيضًا في العمل على تصنيع تطعيم سعار فموي لتحصين الكلاب الضالة التي يصعب الإمساك بها وإصدار التشريعات اللازمة لتنفيذ بنود المشروع.
وبالنسبة لتمويل المشروع أشار «أبو سعدة» إلى الاعتماد عليها من خلال ميزانية الدولة وزيادة رسوم ترخيص الكلاب الأليفة «تكفي لتعقيم 1.5 مليون كلب على الأقل»، وأيضًا زيادة رسوم استيراد الحيوانات وتبرعات الجهات الدولية وجمعيات الرفق بالحيوان المحلية والعالمية، وأيضًا عائد بيع الكلاب في المزادات، وما يتم توفيره عن طريق وقف شراء السم القاتل المستخدم حاليا وعن طريق توفير عدد الأمصال المضادة لمرض السعار المستخدمة حاليا بالمستشفيات والتبرعات المادية والعينية من المصريين.