مصـر «الحلـــوة»
«شرم الشيخ منورة بأهلها».. حقيقة تبرهنها الجهود التى يبذلها أهالى مدينة السلام منذ انطلاق قمة المناخ، عاقدين العزم على توصيل رسالة للعالم أن المصريين قادرون على صنع المعجزات فى كل عصر وحين. احتفالية ضخمة لمؤتمر المناخ كان وراء ظهورها بهذا الشكل جهد جبار لأكثر من 3 آلاف مبدع، واصلوا الليل بالنهار ليخرج المؤتمر للنور، خلية نحل لا تتوقف من أبناء المدينة الساحرة، ومن أتوا إليها من محافظات أخرى، وقرروا العيش فيها بعدما أسرتهم بجمالها وسحرها، ومع انطلاق فعاليات مؤتمر المناخ حرصوا على أن يدعموا نجاحه بمبادرات وجهود فردية، ولو بتوزيع مشروب أو ابتسامة فى وجوه الضيوف.
«ناصر»
من كل بلد أكلة.. هدية من 250 «شيف محترف»
بين القاعات الرئيسية سيمفونية من نوع آخر يعزفها عشرات الطهاة والمساعدين، العاملين بالمطاعم الرئيسية الثلاثة، وبالأكشاك التى تعمل بلا توقف، لتقديم الخدمات لنحو 43 ألف مشارك بالمؤتمر. آلاف الوجبات تخرج من تحت يدى الشيف محمد ناصر، واحد من 250 «شيف مصرى» تم اختيارهم بعناية شديدة من جانب منظمى قمة المناخ، وأعداد كبيرة أيضاً من الطُهاة العرب والأجانب، عمل على مدار الساعة لإعداد وتجهيز الوجبات، ليس ذلك فقط، بل وتنويع الأطباق لتكون مناسبة لأذواق ومطابخ 197 دولة عضواً باتفاقية المناخ، والمشاركين فى المؤتمر العالمى، وبينهم آلاف المفاوضين والوفود الرسمية التى تقضى أغلب يومها داخل المؤتمر.
«يجب أن نكون جاهزين بقوائم شاملة من الأطباق التى تُلائم وتُرضى جميع الأذواق، الوفود هنا من جميع دول العالم، لذا نعمل على إعداد أطباق تنتمى لجميع المطابخ تقريباً، وذلك وفقاً لقوائم أعدها المسئولون بهيئة الأمم المتحدة»، بحسب «ناصر». ويصف الدكتور محمد سامى، مراقب جودة الغذاء، المراحل التى تتم لضمان سلامة الأطعمة التى يتم تقديمها لوفود المؤتمر، قائلاً لـ«»: «نقوم بتسلم اللحوم والدواجن والأسماك ومنتجات الألبان، لضمان سلامتها وخلوها من مسببات الأمراض، ومطابقة البيانات الواردة من الشركات العاملة على التوريد.
«مروى»
طلبات زوار المطعم واجب وطنى
بهيئة مرتّبة ووجه بشوش، تقف مروى محمد تقدم خدماتها بحماس داخل أحد المطاعم الملحقة بقاعات الاجتماعات العديدة المقامة على مساحة تتجاوز الـ30 ألف متر، المهمة التى كانت تنتظرها بشغف منذ تكليفها بها قبل انعقاد المؤتمر.
تلتقط «مروى» طرف الحديث لتؤكد لـ«» أن عملها فى هذا الحدث الضخم بمثابة حلم وتحقق، فكثيراً ما تمنت أن تخدم من خلال عملها وطنها ولو بالقليل، وحان الوقت للعب هذا الدور، فتقف جنباً إلى جنب مع ممثلين ومسئولين من مختلف دول العالم، تعمل على خدمتهم ورعايتهم.
تعبر الشابة العشرينية عن فرحتها لانطلاق هذا الحدث الضخم على أرض مصر، وتحديداً فى مدينة السلام، شرم الشيخ، وتؤكد أن ما تراه لا يصدقه عقل، خاصة بعد سنوات من توقف السياحة وتراجعها، وها هو مؤتمر المناخ يبشر بقرب قدوم الخير لمصر.
«مدحت»
مشروبات مجاناً احتفالاً بـ«القمة»
داخل المطعم وخلف طاولة المشروبات، يقف مدحت شاكر بقميصه ناصع البياض كقلبه، لا تكاد يده تتوقف لتلبية احتياجات المشاركين وضيوف المؤتمر، لا تفارق الابتسامة وجهه رغم الجهد المبذول على مدار ساعات طويلة خلال اليوم، دون أن يكلّ عن تقديم الطلبات.
يعود «مدحت» بالذاكرة للوراء، مسترجعاً الوضع فى مقاهى ومطاعم مدينة شرم الشيخ خلال السنوات الماضية، حيث قلة العمل والإقبال، قائلاً لـ«»: «كان العمل متوقفاً بمحل عملى، ليس أنا فقط، بل عدد كبير من المقاهى والمطاعم، ما انعكس بالسلب علينا، وعانينا مادياً ونفسياً من الوضع الصعب».
بتفاؤل واضح، يشعر «مدحت» بأن الفترة المقبلة ستشهد انفراجة للوطن والمصريين فى مختلف المجالات، مؤكداً أن أى مجهود يُبذل الآن سيكلل بالرواج والتوفيق، عاقداً العزم على بذل مزيد من الجهد لخدمة وطنه: «سأظل أعمل وأعمل، وسأوزع المشروبات بالمجان، احتفالاً بالقمة».
«عبدالرحمن»
فخور بالمشاركة ولو بجمع المخلَّفات
داخل قاعة الاحتفالات الرئيسية، وعلى بُعد خطوات من مسرح جمع قادة العالم فى نقاش حول مستقبل الكرة الأرضية، وقف عبدالرحمن السيد حاملاً أدواته التى يتسلمها يومياً فى السابعة صباحاً، ليبدأ يوم عمل شاق بين القاعات والصالات، يجمع الزجاجات الفارغة والمخلَّفات، ويزيل الغبار عن طاولات شهدت توقيع اتفاقيات بالمليارات لتمويل العمل المناخى، ومقاعد جلس عليها زعماء وملوك ورؤساء الكوكب، آملين فى غد أفضل لأجيال قادمة تتحمل عواقب لم تقترفها.
يقف «عبدالرحمن» بكل فخر، معرباً عن سعادته بالمشاركة، ولو بجزء يسير ضمن منظومة العمل بمؤتمر المناخ، مشيراً إلى أن العمل فى المؤتمر جعله يرى ملوكاً ورؤساء لم يكن يحلم يوماً أن يراهم سوى خلف شاشات التليفزيون، وبكل فخر تجمعهم مصر على أرضها، لترى شعوب العالم عظمة المصريين.
«سر على بركة الله، ونحن معك وخلفك»، هكذا حرص «عبدالرحمن» فى نهاية حديثه لـ«» على أن يوجه رسالة إلى الرئيس عبدالفتاح السيسى، مؤكداً أن مصر فى تقدم مستمر فى عهده.
«رائد»
دعم مؤتمر المناخ يبدأ بـ«توصيلة»
على الطريق بين قاعة المؤتمرات ومنطقة الهضبة الموجودة فى مدينة شرم الشيخ، حرص رائد عطية، سائق عربة بالأجرة، على تقديم خدمة لزوار المؤتمر، على أمل أن يسهم بطريقته الخاصة، فى إنجاح الحدث العالمى. يقف «رائد» بسيارته ليُحيى أصحاب شارة المؤتمر، ويعرض عليهم توصيلهم لوجهتهم ولو بشكل مجانى، فى سلوك أثار دهشة المحيطين به والوفود الموجودة فى مدينة السلام.
تزول الدهشة، بكلمات «رائد» لـ«»، حيث أكد أن كل مصرى يجب أن يكون جزءاً من خطة نجاح المؤتمر، الذى يحمل الخير لمصر، بعد فترات عانت فيها شرم الشيخ كثيراً من الأوضاع السياسية، ومن تداعيات انتشار فيروس كورونا، وأيضاً من الأزمة الاقتصادية، وها هى الانفراجة تأتى مع المؤتمر.
«قبل المؤتمر، كنت باخرج بالعربية يومياً، وغيرى من السائقين ولا نجد زبائن، وهو الوضع الذى اختلف 180 درجة، وبدأت عجلة العمل تدور، ويا رب تستمر فى الدوران».
«محمد وشاكر»
تطوعنا لتنظيم المقاعد والقاعات.. ونسينا النوم
شباب لا تتجاوز أعمارهم الـ22 عاماً، يصطفون بالعشرات، وينتشرون فى القاعات عقب انتهاء الجلسات، فريق يحمل المقاعد، وآخر يرفع الطاولات، وثالث يتأكد من سلامة الصوت، ورابع يراجع الشاشات المنتشرة، لا يدّخرون جهداً فى سبيل نجاح القمة.
من بين الشباب المتطوع، الذى يرتدى قميصاً أحمر لا تخطئه عين، يجلس محمد عبدالله وشاكر فى انتظار أى مهمة توكل إليهما، حيث أكدا أنهما قررا التطوع خلال فترة انعقاد مؤتمر المناخ، ليكونا جزءاً من الحدث العالمى، الأمر الذى استدعى الخضوع لفترة تدريب قاربت الشهرين قبل انطلاق «القمة».
بابتسامة تمحو كل جهد بذلاه، تحدّث الشابان لـ«»، وقالا: «كل خطوة محسوبة بدقة، ولخمسة أيام قبل انعقاد مؤتمر المناخ، لم نرَ النوم، ليخرج المشهد للنور، ويذهب كل التعب بعدما رأينا الفعاليات التى أبهرت العالم ووضعت مصر فى مكانها الطبيعى بين كبرى الدول وأعرقها».