| مصمم تمثال «ممشى أهل مصر»: يعبر عن المرأة المصرية.. ويعكس ارتباط مصر بالنيل

رقائق من الحديد الصاج المعالج ضد الصدأ لا يتجاوز سُمك الواحدة منها 4 ملل متراصة فوق بعضها بتنسيق محكم، تكوينها معاً يشكل تمثالًا لامرأة مصرية جميلة ذات شعر منسدل وعيون متسعة وشفاة بارزة، مرتدية ملابس من مصر القديمة لكنها برؤية حديثة، جالسة على منكبيها رافعة يديدها تتلقى الماء المتساقط من السماء ليتجمع بها وينساب في شكل موجات فيفيض بالخير والنماء، معبراً عن نهر النيل شريان الحياة.

وجسد تلك الفكرة الدكتور أحمد موسى، مدرس النحت الميداني بكلية الفنون الجميلة جامعة حلوان، وكون التمثال الموجود بممشى أهل مصر على كورنيش النيل في مواجة فندق هيلتون، والذي يرمز للمرأة المصرية لما لها من مدلولات وطنية وإنسانية كثيرة.

التمثال يتواكب مع تصميم ممشى أهل مصر

وقال الدكتور أحمد موسى، إن التمثال يتواكب مع تصميم ممشى أهل مصر، ويمتزج مع الطبيعة؛ فاختيار التصميم بنحت الطبقات المعدنية يرمز لطبقات الطمي المتراكة على جانبي نهر النيل، وترتيبها فوق بعضها مع ترك مسافة صغيرة بين كل طبقة، تسمح للمشاهد برؤية التمثال وبداخله نهر النيل، وهو ما يضيف للعمل بعدًا اجتماعيًا ويجعله متداخلًا مع البيئة وغير حاجب لها، وتنعكس عليه الشمس شروقًا وغروبًا فتزيد بريقه وتوهجه باللون الفضي وتمنحه الحركة والقوة، وينعكس هو على نهر النيل فيمتزج به ويصير جزءًا من حركة موجه، طالما منحه الحياة منذ سبعة آلاف سنة وجعله يبني حضارته التي لا تزال مجدها قائماً؛ فوجود النيل والإنسان المصري يرتبطان ببعض النيل يهبه الحياة وعلى أرضه يفيض بالخير والنماء، والإنسان يمتزج به حنيناً وحباً، يزرع فينتج ويصنع ويزدرهر.

تصميم التمثال استغرق أكثر من عام ومر بـ3 مراحل

وأضاف «موسى»، في تصريحات خاصة لـ«»، أن فكرة تصميم التمثال تعود إلى منتصف العام الماضي، حيث تواصلت الهيئة الهندسية للقوات المسلحة معه لتنفيذ عمل مجسم فني لوضعه في ممشى أهل مصر دون فرض اقتراحات مسبقة للتصميم.

وعن كواليس تصميم التمثال، قال إنه قام جولة ميدانية لدراسة الموقع ووضع تصميم يتماشى معه ويعبر عن روح مصر وحضارتها، متابعًا: «عملت تصور واقترحت 3 اسكتشات لنماذج تماثيل، وعقد اجتماعًا مع المكتب الاستشاري للاختيار من بينها والاتفاق على التنفيذ بعد الاستقرار على شكل تمثال يجسد المرأة المصرية».

وأكد أن تمثال ممشى أهل مصر، والذى يرمز للمرأة المصرية والنماء والخير، مر بعدة مراحل ليخرج بهذا الشكل؛ بدءاً من تنفيذ مجسم بنفس الشكل بحجم صغير ارتفاعه 70 سم منحوت يدوياً بتفاصيل كاملة من الطين الأسواني، وتم تكبيره بطرق ومراحل تكنولوجية ليتم تنفيذه على أرض الواقع بالحجم الكبير على خامة الحديد الصاج المعالج ضد الصدأ وتقطيعها بسمك 4 ملل لكل شريحة بالليزر بتقنية cnc، وتجميه ليعاد تكوينه مرة أخرى ليشكل التمثال بالخامة الجديدة والنهائية بارتفاع 3 أمتار ونصف، والقاعدة متر، ليكون إجمالي طوله 4.5 متر، فى فترة استغرقت ما يزيد على عام للتنفيذ.

التمثال يشبه التماثيل الفرعونية

وأضاف مدرس النحت الميداني بكلية الفنون الجميلة، أن التمثال يقدم صورة رمزية للمرأة المصرية ويعبر عن ارتباط مصر بنهر النيل فى كل شئون الحياة، ويشبه التماثيل القديمة، متابعًا: «وضعه يذكر بأوضاع تماثيل مصرية فرعونية مع وجود فروق بسيطة، والرداء مستوحى من الملابس المصرية برؤية حديثة، واستخدم مواسير الاستانلس اللامع لتحقق شكل الماء المتساقط من السماء ليتجمع فى يد المرأة المصرية وينساب منها فى شكل موجات على درجات القاعدة فيروي الأرض حوله».

اهتمام الدولة بالتماثيل

وقال «موسى»، إن الدولة تعطى أهمية كبيرة لأعمال النحت الميدانية؛ فشيدت العديد من التماثيل فى المدن الجديدة، وكذلك العاصمة التاريخية القديمة؛ لفائدتها في إثراء المواقع العامة وإرساء نقاط بصرية مركزية للمشاهد، وتزيد الاهتمام والتقدير لديه، ونشر ثقافة الجمال لتسبدل بمظاهر الفوضى والنفعية المادية، متابعا: «الاهتمام ده بيدينا أمل في مستقبل كبير للنحت الميداني بمصر ويساعدنا على الإبداع».

وفي هذا الصدد، لجأت الدولة ممثلة في وزارة السياحة والآثار لصيانة وترميم وتنظيف التماثيل الموجودة فى كافة الميادين والحدائق العامة لإظهار الميادين بالشكل اللائق وإضفاء الشكل الحضاري والجمالي عليها.