«مبارك» رجل ستيني، لديه 4 بنات، يجلس في بيت لا تتعدى مساحته الـ60 مترًا، وجهه شاحبًا، يرتدي جلبابا يميل إلى البني الداكن، يقف تعيسًا، يصوب نظراته إلى منزله الذي تحول إلى ركام فجأة بدون سابق إنذار، يقلب كفيه على ما أنفق فيه، إذ أصبح خاوي على عروشه.
العجوز يخرج كعادته في الصباح الباكر، باحثًا عن مصدر رزقه ليعود آخر النهار، ليخلد للنوم بمنزله الكائن بشارع «الميناء النهرى» التابع لمحافظة قنا، وفي يوم كان يظن أن اليوم سيسر مثل غيره من الأيام الماضية الذي كان يرجع له، ويرتمي في أحضان أولاده الأربعة وزوجته، إلا أن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن فبعد أن أودع أسرته وتاركهم غارقين في نومهم وأحلامهم، فاجئه اتصال من أحد جيرانه بالمنطقة يبلغه بانهيار المنزل بأسرته بعد انفجار ماسورة مياه قديمة، وكان للقدر رغبة في إنقاذ عائلته بهروبهم من البيت أثناء سقوطه.
«مبارك» ستيني انهار منزله بسبب ماسورة المياه
20 يومًا مرت على انهيار ذلك المنزل المصنوع من الطوب اللبن والمكون من دورين، حسبما روى مبارك كامل، صاحب العقار المنهار، لـ«»، واصفا أجواء ذلك اليوم المأساوي بـ«المرعبة»، فعقب سمعه للخبر في الهاتف ترك عمله في ورشة الخراطة، واتجه فورا إلى أنقاض بيته في لحظات دق قلبه لها من مشهد أثاث منزله المندثر في الشارع بأكمله بعد انفجار ماسورة مياه تحت العقار.
معاناة الستيني: 5 أفراد يعيشون في منزل 60 مترًا
معاناة شديدة عاشها مبارك وأسرته، البالغ عددهم 5 أشخاص، إذ اضطر جميع أفراد الأسرة إلى البقاء عند أحد أقرابهم بـ «قنا»، لعدم وجود سكن آخر يأويهم بعد سقوط منزلهم، «البيت كله عبارة عن 60 مترًا كان شايلني أنا وعيالي بالعفاية، ملناش مكان تاني».
وفي محاولة بائسة من الرجل الستيني؛ من أجل الحصول على سكن بديل يأويه أو يجد من يرمم منزله، حرر محضر بالواقعة بقسم شرطة قنا، وذهب إلى رئيس مجلس مدينة قنا، الذي طلب منه كتابة مذكرة بحالتهم الاجتماعية، وبعض الأوراق الرسمية، «عندي 4 بنات، مينفعش أفضل قاعد بيهم في بيوت الناس كده كتير».
يأمل «مبارك» في نظر المحافظة ومجلس المدينة الى طلبه، وتكوين لجنة هندسية على الأقل لمساعدته في ترميم المنزل قضى فيه معظم أيام شبابه، وكانت الجدران شاهدة على ترعرع أطفاله، فيطمح العجوز إلى شمل عائلته من جديد في منزلهم الصغير.