| معاناة «محمد» مع الفشل الكلوي وكورونا: اتفصلت من شغلي وبعت شقتي

حياة سعيدة هادئة كان ينعم بها لأعوام، برفقة زوجته ونجله الوحيد، كللها نجاحه في عمله بأحد البنوك، بينما يبني في مخيلته أحلاما أخرى قادمة، إلا أن كل ذلك انقلب رأسا على عقب، بسبب إصابته بالفشل الكلوي منذ 9 سنوات، لينهار واقعه ومستقبله، حتى وصل به الأمر للفصل من العمل وبيع مسكنه، ويصبح حلمه الوحيد هو الشفاء واستعادة تلك الحياة الهادئة.

«محمد» باع منزله لمواجهة الفشل الكلوي بعد فصله

محمد نبيل، 34 عاما، تبدلت حياته، قبل 9 سنوات، بعد إصابته بالفشل الكلوي، لتتدهور يوما بعد يوم ويصل به الحال إلى الفصل من العمل وبيع شقته، وأصبح عاجزا عن التكفل بمصاريف أسرته، ولا يمتلك سوى كلى واحدة غير قادرة على القيام بكافة وظائفها.

بصوت حزين ضعيف، يحكي الأب الثلاثيني من أبناء شارع المعهد الديني في منطقة العصافرة بمحافظة الإسكندرية، معاناته لـ«»، بأنه متزوِّج ولديه ابن وحيد «كريم»، 9 سنوات، إذ كان يعمل في مهنة «خدمات مُعاونة» بأحد البنوك، قبل أن يُصاب بالـ فشل الكلوي، عام 2013، ويدخل في رحلة مرض مريرة، واحتياجه لغسيل الكلى بصورة متكررة، وهو ما أثر على أدائه في العمل وأدى في النهاية إلى فصله.

محاولة فاشلة لزراعة الكلى تقضي على ممتلكاته 

3 أعوام، قضاها الشاب الثلاثيني بين الألم الجسدي والنفسي؛ إذ احتاجت حالته لإجراء جلسات الغسيل الكلوي 3 مرات أسبوعيًا، بينما تكبد مرارة العجز وهو يرى زوجته ونجله الصغير يعيشان العِوَز ولا يجدا من يصرف عليهما: «كان عندي شقة تمليك بعتها في أول 2016 علشان أعمل زراعة كلى»، لكنه لم يرحمه المرض حينها، لينهشك بضراوة صحته وأمواله في وقت واحد: «أنسجة المتبرع منفعتش معايا والعملية فشلت».

حالة بالغة من اليأس، سيطرت على الأب الثلاثيني، بعد فشل عودة كليته إلى سابق عهدها من خلال جلسات الغسيل، إذ اضطر الأطباء لإزالتها ليظل بعدها حيا بكلية واحدة دون عمل يناسب ظروفه الصحية واحتياجاته، بصحة منهكة كأنها لرجل ستيني: «حاولت أشتغل في أكتر من حاجة، وكان آخرهم مطعم، ومقدرتش أكمل».

كورونا تلاحق «محمد» .. والأب: بعيط علشان ابني

وبعد محاولات صعبة للعمل، لم يسلم «محمد» من المرض، إذ أُصيب بفيروس كورونا، الذي ألزمه الفراش أيامًا طويلة، ليتم فصله مجددا من عمله.

رغم التحفُظ والهدوء الشديد الذي حاول «محمد» أن يُظهره خلال حديثه، إلا أن دموع متمردة قاسية فاضت من قلبه إلى عينيه بحزن مرير، أثناء تذكره مدى الألم الذي عاشه، عندما كاد طفله يُحرم من دخول الامتحان بسبب عدم سداده المصروفات للصف الثاني والثالث والرابع الابتدائي بإجمالي 480 جنيها: «كنت هبوس على رجل المدير لحد ما وافقوا يدخلوا ابني الامتحان».

«محمد»: نفسي ألاقي شغل ثابت

بعد تعافي الأب الثلاثيني من كورونا، التي تركب بصماتها الغليظة على صدره مُسببة مشاكل في التنفس، لتعيقه عن تحمل الأعمال الشاقة، ليمكث دون أمل في شقته الإيجار، البالغ 550 جنيها شهريا، بجانب فواتير المياه والكهرباء التي تقترب من 200 جنيها، بينما يجوب ذهنه بحزن وعصبية بالغة عن كيفية تمكنه من الحصول على تلك المبالغ: «نفس أشتغل شغل ثابت علشان أقدر أصرف على مراتي وابني»، لتكون تلك هي أمنيته الوحيدة التي يحاول التشبث بها رغم مرضه المثقل على كاهليه.