تغالبه الدموع وهو يحكي كيف تخرج على يديه أطباء ومدرسين ومهندسين ونال الكثير من الاحترام والتقدير، طوال فترة عمله بمديرية التربية التعليم بمدينة طنطا في محافظة الغربية، والآن أصبح مشردا في الشوارع، يبحث عن مأوى أو كسرة خبز ليسد جوعه.
هكذا تبدل حال عادل أنور، الذي يتنقل من رصيف إلى آخر بشوارع طنطا، مرتديا جلبابا رمادي اللون ملطخ بالتراب، شاكيا جحود ابنتيه اللتان تسببتا في وصوله إلى هذه الحالة.
يحكي «عادل» كيف أفنى حياته في خدمة ابنتيه وزوجته وكيف نال الاحترام على مدار 35 عاما أثناء فترة شغله لمنصب كبير معلمي اللغة العربية، غير أنه اضطر إلى الخروج على المعاش المبكر قبل 3 سنوات بسبب المرض الذي تمكن من جسده.
عادل: «مراتي كرهت أولادي فيا»
استرجع «عادل» في حديثه لـ«»، بصوت يغالبه البكاء، صورا من قصة حياته التي تبدلت إلى النقيض، بعد إصابته بالشلل الرعاش، واضطراره إلى الخروج على المعاش المبكر، وبدء رحلة المعاناة مع زوجته التي أنجب منها ابنتين، تخرجت الأولى في كلية الآثار، والثانية طالبة بكلية التربية النوعية: «عندي بيت لكن مراتي اللي لسه على ذمتي، كرَهت أولادي فيا رغم إني كنت أب كويس معاهم، ومعاملتها الوحشة خلتني أمشي من البيت وأقعد في الشارع».
«عادل»: كل يوم بنام على رصيف شكل
لا يتذكر «عادل» بالضبط منذ متى وهو يهيم على وجهه بالشارع، لكنه يتذكر جيدا كيف حاول العودة لمنزله مرات كثيرة، غير أنه لا يُقابل في كل مرة، سوى بالطرد من قبل زوجته وابنتيه: «أنا ضايع، كل يوم بنام على رصيف شكل».
يشعر «عادل» بالحزن عند مقابلة أبنائه الطلاب الذين تتلمذوا على يديه، إذ يلاقون وضعه الحالي بغض الطرف وإدارة وجوههم محاولين تفادي رؤيته، وهو ما يصيبه بحزن وحرج.
يسرد «عادل»، في شرود، كيف يتعاقب عليه الليل والنهار وشعور الجوع يلازمه ليضطر من فرط حاجته إلى مد يده للمارة قائلاً: «أنا جعان محتاج أكل»، لكن البعض لا يصدقه، وأضاف: «الجنيه بقى عزيز على الناس، وفي منهم بيصدقني لما أقول إني جعان، وفي ناس مبتكلمنيش، وبتعب جدًا لما علاجي يخلص ومش معايا فلوس أشتري علاج».
أصبح «عادل» مؤخرا لا يتمنى سوى العثور على مأوى يحميه من الشارع وإيذاء من فيه، إذ يتعرض للشمس الحارقة في الصيف، والبرد القارس في الشتاء: «مش عاوز غير بيت أقدر أنام فيه».