سيدات مبهجات يرتدين الجلابية والملاية اللف والبرقُع وحلق كبير ويغطين رؤسهن بـ«منديل» مزركش بالورد، جلست إحداهن على «طبلية لرق الفطير» والتفت حولها دجاجات تربيها، وثانية تبخر طفل محسود بوخز إبرة في عين عروسة من الورق، وأخرى تغسل ملابس في «طشت» وتنشره فوق سطع منزل ملئ بالحكايات.. لوحات ساخرة ببراقة رسمتها الفنانة المصرية ريهام الشامي المقيمة بالجزائر لتحيي التراث المصري وتطلّع أبنائها عليه «عايزة ولادي يتربوا على الذوق الفني والتراث».
المرأة تمتلك مخزون ثقافي من التراث وتنقله للأبناء
تهتم «ريهام» بالمرأة وإبراز تفاصيلها وهي منخرطة في جوانب الحياة لكونها تمتلك مخزون ثقافي كبير من التراث تنقله للأبناء عن طريق التربية، إذ ترى أن المرأة المصرية لديها علاج لكل شيء، قائلة: «الست تعرف إن ابنها عنده حصبة فتلبسه أحمر عشان يخف.. الحسد عندها ليه علاج والسحر ليه علاج»، مضيفة أن التراث الشعبي يدرك على مر العصور عن طريق المرأة «الستات طول الوقت تراث شعبي.. هي اللي عايشة في البيت وعندها كل المعلومات عن التراث».
أتقنت «ريهام» رسم تلك اللوحات التراثية التي تنتمى إلى الفن الانطباعي الساخر، وكانت تتمنى الالتحاق بكلية الفنون الجميلة إلا أن رسوبها في اختبار القدرات حال دون ذلك، فالتحقت بكلية التجارة وامتهنت هذا الفن على يد الفنان الجزائري محمد طاهر لارابا «حسيت بالغربة والوحدة لما ولادي دخلوا المدرسة»، وظلت مرتبطة بالحياة في مصر ترسمها في لوحاتها وتعيشها في ذكرياتها رغم إقامتها في الجزائر لمدة تتجاوز الـ13 عاماً، «في كل لوحة رسمتها بحكي حواديت من التراث» مثلما تؤرخ الأعمال السينمائية للتراث والطقوس والعادات والتقاليد لتثبت جذور الهوية المصرية.
لوحات «ريهام» التراثية تنتمى إلى الفن الانطباعي الساخر
تستخدم رشا الزيت في لوحاتها وتبتكر طرق جديدة للرسم والتلوين باستخدام أدوات بسيطة في منزلها، ففي الوقت الذي أغلقت المحال على أثر أزمة كورونا رسمت لوحات من بقايا أكياس المشروبات الساخنة «الخلصت وكان لازم ارسم فجمعت أكياس الشاي واليانسون والكردية، ومناديل ملونة ورسمت بيهم».
وتحظى لوحاتها بحفاوة كبيرة، وهو ما شجعها على إقامة معارض خاصة بها، والمشاركة في مهرجانات دولية «سافرت معارض في المغرب ومهرجان فاس الدولي والعراق وتونس والهند وعملت معارض ناجحة في مصر والجزار»، متمنية أن تظل لوحاتها رائدة مثل تحية حليم وجاذبية سري «نفسى أكون سايبة لولادي ومحبي الفن التشكيلىي إرث ثقافي محترم».