دام فراقه لزوجته سنوات عديدة، كرَّس خلالها حياته لأبنائه، الذين تخلوا عنه فى أول مطلب له، وقرروا إيداعه داخل داراً لرعاية المسنين، ليعيش ممدوح محيى الدين حياة الفقد والوحدة بين الغرف المغلقة، حتى أنعم الله عليه بالسلام النفسى، ليجد البيت الثانى داخل الدار.
يحكى «ممدوح»، 69 عاماً، لـ«» عن حياته بعد وفاة زوجته، فتسبب فقدانه لشريكة حياته ورفيقة دربه التى كانت تؤنس وحدته، فى كثير من الألم والحزن على فراقها، ولم يستطِع أن يعوضها بامرأة أخرى تشغل فراغه، حفاظاً على أبنائه الثلاثة، فأحب ألا يتدخل أحد فى علاقتهم الطيبة ببعضهم البعض، حسب كلامه: «أنا عندى بنتين، واحدة موظفة والتانية لا، وابنى معاه معهد سياحة وفنادق، ومسافر برَّة مصر».
كان «ممدوح» موظفاً فى إحدى الجهات، وبعد خروجه على سن المعاش، تعاقبت عليه الأحداث لتفاجئه بتغير كبير فى مجرى حياته، إذ تعرَّض لوعكة صحية جعلته غير قادر على الحركة، فلديه جلطة فى يديه وقدميه نتيجة سقوطه فى «البانيو» أثناء استحمامه، ولكبر سنه لم يمتلك القدرة الكافية على مواجهة الألم، ليصبح الكرسى المتحرك جليساً وأنيساً له فى وحدته لسنوات طويلة، إلى أن آن الأوان ليشاركه البعض آلامه ووحدته، وفقاً له: «أنا عايش لوحدى، ولما وقعت فى البانيو تعبت جامد، وما بقتش قادر أمشى أو أخدم نفسى».
أصبح «ممدوح» عاجزاً عن خدمة نفسه، فذهب إلى إحدى دور الرعاية بالشيخ زايد، بمساعدة ابنتيه بناء على رغبته، فأحب ألا يكون دخيلاً عليهما، خاصة أن لكل ابنة أسرة خاصة بها، ولكن القدر لم يصفُ له، حسب وصفه: «ما حبتش أكون متطفل عليهم، كل واحدة ليها بيتها وزوجها، رُحت دار رعاية مش كويسة، بيحطوا الأكل كله على بعضه، الرز على الطبيخ».
غادر «ممدوح» دار رعاية الشيخ زايد ليذهب إلى الأفضل منها بالمعادى، إذ كوَّن صداقات ووجد الألفة والمحبة: «أنا بقالى 3 سنين هنا، ومبسوط جداً».