| منجد العروسة الجميلة.. «بلية» يورث سر الصنعة لأبنائه وأحفاده

داخل ورشة تنجيد بقرية ميت العطار بمركز بنها بمحافظة القليوبية، يتواجد صنايعي تنجيد مشهور باسم «حامد بليلة منجد العروسة الجميلة»، شعار اتخذه منذ أن افتتح أول ورشة له في عالم التنجيد، بعدما تشرب أصول تلك المهنة منذ أن كان طفلًا لا يتخطى عمره 6 سنوات، وبعد عقود من الزمن أورث مهنته إلى أبنائه الثلاثة، ويعمل حاليًا على تورثيها أيضا لأحفاده الصغار.

حامد محمد عفيفي، 54 عامًا، ورث مهنة التنجيد من جده (والد أمه)، ومشهور وسط معارفه بـ «بليلة»، اللقب الذي ورثه من أبيه، بائع البليلة، قبل أن يورثه بالتبعية إلى أبنائه ومعه مهنته بالتنجيد: «من أول لحظة كنت مهتم أورث ولادي صنعتي، جنب تعليمهم، أنا ورثت المهنة دي زي كل أخواتي، فكان طبيعي أورثها لعيالي، ده سلو وقانون عيلتنا وأسرتنا».

رحلة «حامد» مع التنجيد بدأت منذ نعومة أظافره

حكاية الجد حامد، مع التنجيد بدأت وهو طفل يبلغ من العمر 6 سنوات، حيث ترعرع في تلك المهنة على يد صنايعي يدعى «الحج عبدالعزيز»، يوصفه بأنه كان واحدًا من أفضل صنايعية التنجيد على مستوى مركز بنها بأكمله، قبل أن يترك العمل حين وصل إلى سن الـ 12 عامًا، ويبدأ في العمل كصنايعي تنجيد متنقل بين مدن ومحافظات مصر المختلفة: «لفيت كل محافظات مصر تقريبًا، ولما اشتغلت صنايعي في ورش كتير ده ساعدني أطور من نفسي، وأتعلم من مدراس مختلفة».

وظل المنجد على هذا الحال، حتى عمل كصنايعي مع منجد يدعى «الحج رضوان»، داخل قرية ميت العطار، والتي ذاع صيته بها لدرجة جعلت هذا المنجد حين تقدم في العمر، أن يطلب من «حامد»، أن يفتتح ورشه له بتلك القرية: «قالي الناس هنا حباك وأنت أولى من الغريب، فتوكل على الله وافتح، وإن شاء الله ربنا هيكرمك، وفعلا سمعته كلامه والحمد لله ربنا كرمني من وقتها».

أولاد «حامد» الثلاثة تعلموا جميعًا

بجانب مهنة التنجيد، حرص «حامد» على تعليم أولاده الثلاثة، إيمانًا منه بأن التعليم يأتي في المرتبة الأولى قبل أي شيء: «عيالي علمتهم التنجيد الصحيح، بس يوم ما كنت بحس إن وجودهم معايا في الورشة بيأثر على مذاكراتهم أو تعليمهم، كنت بقعدهم على طول، والحمد لله ربنا كرمني وكل واحد خد شهادته وكمان اتعلم الصنعة، ويمكن اتفوقوا عليا كمان، عشان كدا بعلمها لأحفادي كمان دلوقتي، جنب تعليمهم وأكاديميات الكرة اللي مشتركلهم فيها».

ورشة «حامد بليلة»، التي بدأت بالتنجيد البلدي فقط، نجح الأب وأبناؤه في زيادة وتوسعة أنشطتها المختلفة عبر سنوات: «دلوقتي الحمد لله، بنعمل ستاير، وبنوفر خامات تنجيد للصنايعية، وكمان بقينا موزعين لأحد أنواع المراتب، غير إننا عملنا مصنع للفايبر، اللهم لك الحمد».

إضافة إلى أسرار الصنعة المختلفة، التي أورثها إلى أولاده ومؤخرًا إلى حفيده الأكبر، هناك وصايا كثيرة أصر «حامد» على أن ينقلها لصغاره، بداية من ضرورة الحرص على الأمانة في العمل، ومرورًا بأن يتذكروا دائمًا بأنهم أخوة قبل أي شيء، عليهم أن يهتموا ببعضهم، ونهاية بعدم الكف عن المحاولة في تطوير أنفسهم ورشتهم بشكل دائم ومستمر،  حسب ما يشير «حامد» إليه بأصبعه الذي فقد عُقله منه بسبب حادثة وقعت له خلال أحد أعماله في السابق.