| مهندس ونحات يكرمان «العربي» بتمثال برونزي: «اعتبرنا شركائه في النجاح»

رحلة كفاح امتدت لـ80 عاما، بدأها الحاج محمود العربي منذ أن كان طفلاً لم يتجاوز العاشرة من عمره، ببيع لعب الأطفال أمام منزله بقرية أبو رقبة في مركز أشمون بالمنوفية، صعودا إلى العالمية وقمة سلم المجد بتجارة الأجهزة الكهربائية وتأسيس مصنعه «توشيبا العربي» في مصر، والذي أصبح واحدا من أكبر منتجي وموزعي الأجهزة الكهربائية وخاصة المنزلية.

كان رأس مال «العربي» خلال رحلته هذه الأخلاق وحسن معاملة الموظفين والعمال الذين تجاوز عددهم 13 ألف عامل قبل وفاته، اعتبرهم العربي شركائه في النجاح، وكان يستهدف عددهم باستمرار لتوفير فرص عمل للشباب.

أحد هؤلاء العمال المهندس أحمد صبحي مدير مركز صيانة الزقازيق التابع لمصانع «توشيبا العربي» يعمل بالمصنع منذ 25 عاما، وجمعته علاقة طيبة بالحاج محمود العربي وعرفه عن قرب لمس فيه السماحة وطيب الأخلاق فلم يتعامل معهم كصاحب عمل وعمال يرأسهم بل كان يعتبرهم أصحاب المصنع وشركائه، يقول: «الحاج محمود العربي كان كثير السماحة عمره ما اتعامل معانا على إننا شغالين عنده وكان بيقابلنا كل 3 شهور يكلمنا في أهداف الشركة وكيفية إرضاء العميل».

العربي يوصى بزيادة العمال رغم الخسائر 

وفي المواسم التي يقل فيها البيع كان يوصي بزيادة عدد العمال رغم الخسارة التي ستنتج عن دفع مرتبات لا يقابلها زيادة المبيعات «كان يقول زودوا العمال الرزق هيزيد والمبيعات هتزيد» فكنا نستغرب من قراره بزيادة العمال رغم الخسارة لكن سرعان ما نكتشف أن معادلته كانت صحيحة، وهو ما دفعه أن يصمم له تمثال من البرونز كنوع من رد الجميل، ووضعه في مجلس إدارة الشركة بالعباسية، وفجأ به أبناء العربي «لما شافوه اندهشو.. هما بيحبوا والدهم وبيحترموه جدا وهو بالنسبة لهم رمز الإنسانية والرحمة».

«عبد القادر» صمم التمثال على 4 مراحل 

وعن تصميم التمثال يقول النحات محمد عبد القادر، إن المهندس أحمد صبحي تواصل معه وجرى الاتفاق على خامة المناسبة لنحت تمثال العربي وصممه على عدة مراحل استغرقت ما يزيد على شهرين، بدأها بالنسخة المنحوتة من الطين، ثم نسخة السليكون ثم النسخة الـGRB التي يجرى تصميم النسخة البرونزية عليها في أحد المسابك وخرج  التصميم على نسخة GRB احتفظ بها المهندس في مكتب الصيانة الخاص به، وأهدى النسخة البرونزية لأبناء الحاج محمود العربي، وجرى وضعها في المقر الرئيسي للشركة بالعباسية، يقول عبد القادر «بمجرد ما خلصت صب النسخة البرونزية في مسبك بالقاهرة سلمتها للمهندس الساعة 2 بالليل ورجعت على الشرقية» وفي الصباح استيقظ على مكالمة من المهندس محمد نجل الحاج محمود العربي  شكره على التمثال لتقاربه الشديد من ملاح والده وأبدى إعجابه به.

ردود فعال الناس تجتمع على شخصية العربي

اتفقت ردود فعل الناس حول تمثال العربي فهو الشخصية الوحيدة من بين أعمال النحات محمد عبد القادر التي اجتمعت عليها الناس، يقول «أول مرة حد يتفق على عمل بالشكل ده من حبهم لشخصية العربي عجبهم جدا.. وده كان أجمل حاجة في الموضوع» وهذا ما منحة ثقة في نفسه «عملت شغل نحت  كتير والناس كانت بتقول لي أنت عايز توصل.. المرة دي محدش قال لي مين ده عشان يتعمل له تمثال زي ما بيقولوا لي كل مرة».

أتقن محمد عبد القادر فن النحت حينما سنحت له الفرصة الدراسة مع وفد الكوري في بعثة داخلية لمدة 3 سنوات تخصص فيها بقسم التصوير الزيتي وتوسم فيه مدير البعثة أنه سوف يكون أفضل في قسم النحت بسبب أسلوبه المتميز في الرسم والظل إلا أنه كان لا يرغب التخصص في النحت، قائلا: «كنت بحب الرسم أكتر وروحت النحت وبقيت من المتميزين فيه».

وقرر «عبد القادر» أن يترك عمله ويخرج معاش مبكر ليتفرغ لهوايته، وصمم عدة تماثيل كان أبرزها تمثال الرئيس السيسي، وفي حفل افتتاح قناة السويس اشترك مع في تصميم 4 تماثيل وجدارية خاصة به وصمم تمثال لوزير الداخلية الأسبق محمد رشدي وتمثال الفلاح والعلم ومصر الجنحة وثمثال فرعوني.