بريد أسوان بعد التطوير
مبنى ذو طابع تاريخي، ليس مسجلًا في «الآثار»، كان عبارة عن مجرد مبنى لمكتب بريد أسوان، لكنه تحول خلال 5 أشهر من شكله المتهالك إلى صرح جمالي، وذلك بعد ترميمه وإعادة تأهيله برؤية مبتكرة، على يد مهندس مصري، بما يعكس تراث مدينة أسوان الغنية بالأحجار وعوامل الجمال، مع مراعاة التأثير البيئي لأعمال التطوير من أجل الأجيال المقبلة.
وتداول عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الساعات الماضية، مجموعة من الصور للمبنى التاريخي بعد ترميمه، معبرين عن إعجابهم بالتغيير والتطوير الذي شهده المبنى الواقع وسط مدينة أسوان.
فكرة بدأها المهندس أيمن خليل
كانت البداية، من أيمن خليل، المهندس المعماري، خريج جامعة عين شمس، الذي خطط لتطوير مكتب بريد أسوان، وجاءته الفكرة من خبراته العملية التي حصل عليها خلال دراسته وعمله في الهندسة المعمارية في بعض دول أوروبا وأمريكا الجنوبية: «شوفت ثقافات مختلفة كتير ومن صغري بحب المباني التراثية بجانب إني مصور ورسام ومهتم بالتاريخ».
المبنى يعود إلى أوائل القرن الـ20
ويعود المبنى إلى أوائل القرن العشرين، أما المكون المعماري، فهو مرتبط بالذاكرة الجماعية لسكان مدينة أسوان، بحكم أنه في موقع مركزي بها، وصُمم في البداية كمنزل فخم عَلى ضفاف النِيل، وبمرور الوقت ونمو المدينة، تحول إلى مدرسة ثم إلى مكتب بريد، حسبما أكد المنهدس صاحب فكرة التطوير.
إظهار العناصر الإنشائية الأصلية
المهندس الاستشاري بمؤسسة «بيت الخبرة» لأعمال ترميم وهيكلة المباني الأثرية ذات المطابع التاريخي؛ بدأ بتطوير مشروع مكتب بريد أسوان من خلال استهداف إزالة العديد من المواد الإنشائية القدِيمة الموجودة في المبنى، التي أساءت إلى الهيكل الأصلي والتخطيط، فبدأ في إزالة الأسقف المعلقة والأَلواح والجص التالف، مما أظهر العناصر المعمارية الأصلية مثل الطوب والأحجار والطوب المكشوف والأعمال الحجرية التِي تميز قرن مضى من الإتقان.
ويضيف خلال حديثه لـ«» أنه تم تحويل الفناء الخارجي الموجود بالخلف والممتد على طول الواجِهة الشرقية إلى حديقة انتظار هادئة، مَع مظلات خشبية (برجولا) مصنوعة خصيصًا ومقاعد كثيرة للعملاء.
لم تتغير ملامح المبنى
وأكد أن عملية التطوير الكامل، شملت العناصر الخارجية بالمكان، مثل معابر الهواء والنوافذ والدرابزين المصنوعَ من الحديد الزهر بدقة يدويا، حيث أعيد إنشاء الأجزاء التي أزيلت منها الأخيرة فِي الماضي طبقا لظامها الأصلي، من خلال استغلال مهارات الحرفِيين المحليين، ممن يستخدمون تقنيات التركيب التقليدية: «استخدمنا خامات كلها مصرية سواء النجف أو الأبواب وأتمنى أشوف مصر كلها كدا».
وعلاوة على ذلك، قرر المهندس الذي تخرج في عام 1999 من كلية الهندسة، إدخال خدمات إضافية فِي المبنى، بما في ذلك أجهزة الصراف الآلي، بينما تركز الحديقة على زراعة النباتات المحلية، مثل نخيل التمر ونبات الجهنمية، للتظلِيل، وإضفاء اللون الأخضر والتنوع على الحجر الطبيعي المحيطِ بها.
مشاركة حرفيين مصريين
ولفت المهندس، إلى أن استثمار مهارات الحرفيين المصريِين العامليِن في الحرف، مثل البِناء بِالحجارة والنجارة وَالحدادة وأعمال الزجاج وقطع الرخام، كان من الأمور الأَساسية أيضًا لنجاح مشروع مكتب بريد أسوان.
وتابع: «سمح لنا العمل بالشراكة مع الحرفيين المحليين، خلال مرحلة التجديد في إطار زمني مدته خمسة أشهر، وهو ما شكل تحديًا، باستعراض مدى المهارة الموجودة في منطقة أسوان».
واختتم بقوله: «كانت النتيجة النهائية للأعمال، من إصلاح وترميم البناء الأصلي والحفاظ على سماته التاريخية، إِلَى تركيب التكنولوجيا صديقة البيئة، وإِضافة عناصر التصميم الحديثة؛ هي خروج مشروع مصري فريد، يقف جنبا إلى جنب مع المعايير الدولية المعاصرة».