يعد يوم عرفة واحدًا من أعظم أيام العام، الذي يسعى المسلمون فيه إلى الاجتهاد في العبادات والإكثار من تلاوة القرآن الكريم آناء الليل وأطراف النهار؛ ليكتب الإنسان في تلك الليلة من عتقاء النار، فينزل الله عز وجل في ذلك اليوم، ليغفر للجميع ذنوبهم حتى وإن بلغت عنان السماء، لذا يحرص المسلم في خير أيام العام إلى الدعاء باعتباره وسيلة التقرب بين الرب وعبده، لذا نستعرض مواضع ذكر يوم عرفة في القرآن الكريم وسبب تسميته في السطور المقبلة.
مواضع ذكر يوم عرفة في القرآن الكريم
تعددت مواضع ذكر يوم عرفة في القرآن الكريم، باعتباره من أعظم أيام العام، التي ورد فضلها في أكثر من سورة قرآنية لبيان مدى فضله وعظمته، فقد ذُكر يوم عرفة في مواضع عدة في القرآن الكريم يمكن إيضاحها فيما يلي:
– «فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ» سوة البقرة الآية “198”.
2- «وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ» سورة الفجر الآية “3”، وحسب بعض المفسرين الشفع هو يوم النحر والوتر هو يوم عرفة.
3- نزلت فيه آخر آية تشريع في الإسلام وهي «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ۚ ذَٰلِكُمْ فِسْقٌ ۗ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ ۚ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ۚ فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ ۙ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ»، وبعد نزول هذه الآية لم يصدر أي تشريع آخر في الدين الأسلامي فهي تمام التشريع الي الدين.
4- «وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (2) وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ» الآييتين “2،3” من سورة البروج، وذكر في أحد التفاسير والأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، أن اليوم الموعود هو يوم القيامة والشاهد هو يوم الجمعة والمشهود هو يوم عرفة.
5- ويعد يوم العاشر من ذي الحجة من أحد أيام شهور الله الحرم التي ذكرها الله في سورة التوبة «إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ ۚ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ» الآية رقم “36”.
6- ويعد الوقوف بجبل عرفات من أعظم وأجل الأركان في فريضة الحج وقال تعالى: «فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ».
سبب تسمية يوم عرفة بذلك الاسم
يحظى يوم عرفة مكانة كبيرة لدى المسلمين، أما عن سبب تسميته يوم عرفة بذلك الاسم، نسبة إلى الركن الأعظم من الحج، المتمثل في الوقوف على جبل عرفات أو ما يدعى بجبل الرحمة والذي يقع على الطريق بين مكة المكرمة والطائف، وكان ذلك السبب وراء تسميتها بذلك الاسم، ويختلف الأمر بالنسية ليوم التروية وهو اليو مالسابق ليوم عرفة وترجع تسميته بذلك لأن الحجاج كانوا يروون فيه من الماء من أجل ما بعده من أيام؛ قال العلامة البابرتي في “العناية شرح الهداية” (2/ 467): [وَقِيلَ: إنَّمَا سُمِّيَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَرْوُونَ بِالْمَاءِ مِنْ الْعَطَشِ فِي هَذَا الْيَوْمِ يَحْمِلُونَ الْمَاءَ بِالرَّوَايَا إلَى عَرَفَاتٍ وَمِنًى] بحسب دار الإفتاء المصرية.
إقرأ أيضًا: دعاء يقال مرة واحدة في العمر.. ابدأ يوم عرفة بهذه الكلمات
فضل يوم عرفة
ليوم عرفة فضل عظيم، ووردت أحاديث عدة تبين هذا الفضل؛ ففي صحيح مسلم عن أبي قتادة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ».
وجاء في تفسير الحديث أن صيام يوم عرفة يكفر ذنوب السنة الماضية، ويَحُول بين صائمه وبين الذنوب في السنة الآتية بإذن الله.وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يصوم التسع الأُوَل من ذي الحجة؛ فروى أبو داود وغيره عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم يَصُومُ تِسْعَ ذِي الْحِجَّةِ، وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَثَلاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ أَوَّلَ اثْنَيْنِ مِنَ الشَّهْرِ، وَالْخَمِيسَ».
وروى النسائي عَنْ حَفْصَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «أَرْبَعٌ لَمْ يَكُنْ يَدَعُهُنَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم: صِيَامَ عَاشُورَاءَ، وَالْعَشْرَ، وَثَلاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْغَدَاةِ».
إقرأ أيضًا: نصائح لاستجابة الدعاء في يوم عرفة.. عليك بتلك الأعمال
حكم صيام يوم عرفة
يعد صوم يوم عرفة الموافق التاسع من ذي الحجة لغير الحاج سنَّة مؤكد، إذ ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحثَّ عليه، وقد اتفق الفقهاء على استحباب صوم يوم عرفة لغير الحاج، ورَوَى أَبُو قَتَادَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ» أخرجه مسلم.وهو من أفضل الأيام؛ لحديث مسلم: «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ».