| «ميدو» يتحدى متلازمة داون.. والدته صنعت منه بطلا في الكاراتيه

قضت «إيمان صالح» 40 يوما من السعادة مع صغيرها تتغزل بملامحه المختلفة عنها هي وزوجها، فرحة بوزنه الزائد قبل أن تكتشف صدفة من الطبيب أنه من ذوي متلازمة داون، بسبب إخفاء زوجها الأمر الذي تنبهت له والدته وطلبت منه على أثره زيارة الطبيب، أنكرت بالبداية ثم تماسكت تحت تأثير الصدمة وصمتت طول الطريق، وما كادت أن تصل لمنزل والدتها ببلدتها بالسويس، حتى انهارت من البكاء، غير أن مواساة والدتها عند معرفتها بالأمر والذي اقتصر على كلمة «الحمد لله» كانت بمثابة نقطة التحول في حياة إيمان لتردد هي الأخرى «الحمد لله»، وتتخذ قرارا بأن تصبح جيش «ميدو» الوحيد وتصنع منه بطلًا.

الأطباء أجمعوا على عدم قدرة ميدو على الحركة بسبب مشكلة بالمخ

تركت البكاء إلى غير رجعة، وأصرت أن تصبح أكثر صلابة تجاهد لتصل بـ«ميدو» إلى بر الأمان وتكون صوته العالي والواعي للمطالبة بحقوقه، وبدأت تكتشف العالم من خلال رحلة علاج صغيرها وهي بعمر الـ 18 عاما، من خلال تثقيف نفسها عن متلازمة داون عبر التصفح على الإنترنت، بالتزامن مع بدايتها لرحلة التنقل بين المراكز المختلفة للعلاج الطبيعي، والبعيدة عن محل إقامتها ببلدتها بالسويس وهو بعمر الـ 4 شهور، وبعد بداية الجلسات أصيبت بالصدمة الثانية بعد أن أخبرتها الطبيبة المعالجة بعدم تمكن «ميدو» من الحركة نتيجة وجود ميل بالمخ تجاه الجانب الأيمن وهو ما يعني عدم قدرته على حركة اليد اليمنى والقدم اليمنى وباقي أجزاء هذا الجزء من الجسم.

إصرار على تخطي الصعاب 

أصرت إيمان على استكمال الجلسات، ولم تستسلم لليأس، وبدأ بالفعل «ميدو» في التحسن والحركة، لتكتشف حملها الثاني وهو بعمر الـ 7 أشهر، قررت عدم الاستسلام لآلام الحمل، والتصدي لمحاولة إثنائها عما تفعله مع ابنها من المقربين بدعوى أن الجلسات مكلفة وعديمة الفائدة، خاصة مع قدوم طفل آخر، لتقرر الاستعانة بالله سبحانه وتعالى لكي يعينها على استكمال المهمة الصعبة، «ربنا أحطنا ببركة كبيرة ومكنتش بحسبها ولو حسبتها بلاقي إننا بنصرف أكتر من دخلنا معرفش ازاي»، بحسب حديثها لـ«».

شهامة أهل السويس

وعن رحلتها للمركز الطبي تروي إيمان أنه يبعد عن بلدتها ما يزيد عن ساعة، تستقل خلالها وسيلتين من المواصلات، لتظهر شهامة أهل السويس الطيبين في مساعدتها طوال الرحلات من وإلى المركز، وتروي إيمي أنها في إحدى الرحلات قام سائق تاكسي لا يعرفها بتركها تستريح بسيارته بعد تعرضها لتعب مفاجئ وصعوبة بالتنفس واصطحاب «ميدو» للمركز لاتمام جلسة العلاج الطبيعي.

انتكاسة تقعد «ميدو» مرة أخرى عن الحركة 

وبعد تحسن «ميدو» بصورة كبيرة وتمكنه من الحبو والوقوف والمشي، جاءت الصدمة الثالثة إذ أصيب بانتكاسة منعته من الحركة مرة أخرى، ليبقى بوضع الجلوس وتم ربط رجليه الاثنين برباط ضاغط، انهار المحيطون ولم تيأس إيمي واعتبرت نجلها في مرحلة راحة من جلسات العلاج الطبيعي الشاقة، وفق ما نصحها طبيب المخ والأعصاب، لتستكمل الرحلة من جديد بعد فترة من العلاج، ويتمكن بالفعل ميدو من الحركة بل والالتحاق بالمدرسة بعمر الـ 6 سنوات بنظام الدمج بدلًا من المدرسة الفكرية بعد ارتفاع معدل ذكائه ليصل لمعدلات أقرب للطبيعية، ويبدي تميزا بما لديه من معرفة رغم عدم قدرته على الكلام.

جلسات توعية من «إيمان» للطلاب والمدرسين بحالة «ميدو»

حرصت إيمان من اليوم الأول على إنشاء علاقة طيبة بين ميدو وزملائه بالفصل الدراسي من خلال تقديم الحلوى لزملائه، وقيامها بعدد من الجلسات لنشر الوعي بطبيعة حالته بين الطلاب والمدرسين، وبالفعل تمكنت من إحاطة ميدو بعدد كبير من الأصدقاء الذين يصاحبونه طوال الوقت ويبادرون برعايته «بيحبوه جدًا وبيسألوا عليه لو غاب»، إضافة لاشتراكها له في فرقة للفن التعبيري بقصر الثقافة بالسويس رغبة منها في إحاطته بعدد كبير من الأصدقاء بمشاركته بالرقصات والمسرحيات.

المركز الأول ببطولة الكاتا فردي بالكاراتيه

وبتكليل جلسات العلاج الطبيعي بالنجاح، وتمكن ميدو من الحركة، سارعت والدته لإلحاقه بتدريب الكاراتيه مع مدرب يخصص جزءا من وقته لتدريب الأطفال من متلازمة داون بالمجان، ليحقق عددا من الإنجازات ويتنقل بين الأحزمة ويحصد المركز الأول ببطولة الكاتا فردي.

عشق «ميدو» لمحمد صلاح وراء حبه للعب الكرة 

ومثله مثل الملايين من أبناء المصريين وجد «ميدو» في محمد صلاح قدوته وحبه وعشقه، فسعت والدته إلى استكمال سعادته بلعب كرة القدم أسوة بـ«مو» وبالفعل التحق بتدريبات الكرة ليحقق تميز لا يقل عن تميزه بلعبة الكاراتيه.