منذ الساعة الرابعة فجرًا، تذهب السيدة «نعمة» بـ«عدة الشغل»، لتقف على عربية العدس والمعكرونة الخاصة بها في منطقة حي الخليفة، الجلباب البسيط والحلة والعدس هي الأشياء التي تتميز بها السيدة المصرية البسيطة، تكافح في الحياة من أجل قوتها والإنفاق على أسرتها ولا تقبل أن تنتظر المساعدة من أحد وشقيقها هو عكازها في الدنيا.
بملامحها الهادئة التي يبدو عليها الشقاء، تستقبل «نعمة» الجميع بابتسامة بسيطة وهي تجلس في الأرض بجوار عربة العدس بينما يقف شقيقها «سعيد» ملبيًا طلبات الزبائن ريثما تجلس شقيقته وتحضر الطعام قبل طهيه: «أنا بشتغل من الساعة 4 الصبح لغاية الساعة 9 بليل، وبحضر العدس وبعدين المكرونة والزباين بتحب تيجي عندي علشان تاكل حاجة نضيفة».
«نعمة» تكافح الحياة بعربة عدس ومكرونة
تحكي السيدة الخمسينية، أنه منذ وفاة زوجها قررت الإنفاق على نفسها بمساعدة شقيقها الذي تخلى عن التاكسي الخاص به منذ 27 عامًا للوقوف بجوارها، فخلال السنوات الماضية بدأ التعب والوهن في التسلل إلى جسدها وأصبحت غير قادرة على الوقوف خاصة مع زيادة الالتهابات وشعورها بالألم لتكتفي بتحضير الطعام فيما يقوم شقيقها بطهيه وخدمة الزبائن.
«أنا بعمل عدس ومكرونة بقالي سنين، والطبق بيكون عبارة عن عدس، صلصلة، شطة، ودقة، وبيبقى في مكرونة للي عايز».. ترغب السيدة في إسعاد الجميع فهي لا تبيع بأسعار عالية وإنما تكتفي بالمعقول لخدمة أهل منطقتها ولا ترد السائل والمحتاج أبدًا فالكل وينصرف ومن يلا يمتلك القدرة على الدفع: «يعتبر نفسه حسابه وصل».
تواجه الحاجة «نعمة» الحياة وقسوتها، من خلال عربة العدس والمكرونة الخاصة بها ولا يكون هناك تقسيم للعمل وإنما تتعكز على شقيقها وتعتمد عليه وتساعد على قدر صحتها، فبعد تخليه عن التاكسسي الخاص به والوقوف بجوارها بعد رحيل زوجها أصبحت متفرغة لقوت يومها وخدمة أهل منطقتها ولا ترغب في الربح وإنما فقط ما يكفي للدخل.