| «نهى» فرشت منزلها على التراث المصري وعلقت لافتة «بيت سفيرة السعادة»

لم تسع نهى سعيد، إلى ذلك اللقب الذى أطلقه عليها الجيران وأبناء المنطقة «سفيرة السعادة»، بعد أن حولت منزلها إلى متحف يضم بين جوانبه أثاث وديكورات يدوية تمثل التراث المصرى، ولكنها اعتبرتها هبة جميلة منحها لها القدر ولا يمكن أن ترفضها، فعلقت على باب منزلها لوحة خشبية بخضراء داكنة كتب عليها «بيت سفيرة السعادة».

«طول عمرى بحب الأشغال اليدوية، وفعلا كنت بقدر أعمل حاجات بأيدى، وكان أمل بالنسبة ليا أن يكون عندى بيت ديكوراته مستوحى من التراث والتاريخ المصرى وحرفه اليدوية، لأن البيئة فى مصر غنية بالحرف اليدوية اللى بتعبر عن خصوصية ثقافتنا وتاريخنا لكن للأسف اللى منتبهين ليها قليلين» كلمات «نهى»، البالغة من العمر 45 سنة وتعمل موظفة فى بنك.

«نهى»: بعد الزواج فرشت بيتي على ذوقي 

رغم حلم «نهى» في فرش بيتها بطريقة مختلفة، فإنها لم تستطع أن تحقق ذلك فى بداية زواجها، بسبب اجراءات الزواج والرغبة في الانتهاء من فرش شقة الزوجية سريعا، لكن بعد أن انتقلت إلى شقة جديدة  فى منطقة التجمع، صممت أن تفرشها على ذوقها دون تدخل من أحد: «فى بداية زواجي كان رغبة أهلي إني أفرش الشقة على الموضة الحديثة، وكان البيت شكله وكأنه نسخة من بيت أهلي وأقاربي، مفيش شخصية مستقلة، لكن لما نقلت اخترت أني أبدأ أفرشه على ذوقي بحيث يكون ممثل لروح الثقافة المصرية وبعدت تماما عن أى أماكن بتبيع أثاث جاهز غربى أو مستورد لأنى فعلا بيكون غالى على الفاضى ومش بيعبر عننا وعن بيئتنا».

سافرت سيوة ودهب والفيوم لاختيار قطع أثاث مميزة

ترى «نهى» أن هناك فرقا كبيرا بين الفنان الذى يصنع أثاث ومنتجات يدوية والعامل الذى يعمل فى مصنع أو شركة، فالفنان يعمل القطعة ويضع فيه من روحه، ولا يصنع أى منتج إلا إذا كان مقتنع به ويتفنن فى إجادته، أما العامل فلا يفكر فى كل تلك التفاصيل: «كانت البداية بالنسبة لي المعارض التراثية اللي بتنظمها الدولة كل فترة زي تراثنا و ديارنا، وبدأت رحلات فى كل مكان في مصر لجمع أثاث كل غرفة، سافرت لسيوة ودهب والفيوم وشرم الشيخ مصر القديمة، وكنت أصنع بعض المنتجات بأيدى».

تشرح «نهى» تفاصيل فرش كل غرفة فمثلا «السفرة» اشترتها من مكان يعيد تدوير الخشب وزينتها بمفارش مزخرفة من الخيامية وأطقم لتقديم الطعام مصنوعة من الخوص من الفيوم، وزينت غرفة الصالون بـ«شال عروسة» من سيوة، وعلى حوائط الغرف كان هناك إطارات للصور من الخشب مرسوم عليها العملات المصرية القديمة مثل 5 و10 قروش حصلت عليها من النوبة، أما أبواب الغرف فزينته برسوم نوبية يدوية، كما صنعت «برجولا» لاستقبال الضيوف من الخشب اليدوى الملون ومزينة بأقمشة عليها رسومات لفنانين مصريين مثل عمر الشريف ويوسف وهبى، وكلمات تدعو للتفاؤل مثل «سيستجيب».

«نهى»: صنعت الحمام من قاعدة ماكينة الخياطة

ولم تكتف – بحسب قولها- بالشراء بل لجأت لصنع بعض الأشياء بيدها مثل حمام المنزل ومدخل البيت: «صنعت الحمام من قاعدة ماكينة خياطة كانت فى بيت جدتى، ومدخل البيت كان فى شراعات اللى كانت فى بيوت زمان ظبطتها وركبت فيها مراية وعلقتها فى مدخل البيت».

الدولة تحافظ على الحرف اليدوية والتراثية

تعتبر «نهى» أن الدولة تفعل كل ما بوسعها من أجل الحفاظ على الحرف اليدوية والتراثية، والدليل على ذلك هى المعارض المختلفة التى تقام بين الحين والآخر، بينما المشكلة الأساسية هى تأثر الناس بالغرب واعتقادهم أن اقتناءه دليل على التقدم: «فرحت أنى بقيت سفيرة السعادة عند الناس، لأن ده فعلا بقى شعوري وأنا كل ركن فى بيتى بيدينى طاقة إيجابية وسعادة، والطاقة دى حسيت بيها من أثاث البيت اللى كل ما أشوفه أو ألمسه افتكر الفنانين اللى تعبوا علشان يطلعوا حاجة فيها جمال، والفنانين دول مش ناس متخصصة أو كيانات ضخمة  دول أصحاب حرف يدوية بسطاء قرروا أنهم ميتخلوش عنها لأنها بتعبر عنهم وعن بيئتهم رغم أنها مش بتدر عليهم دخل كبير، مقارنة بالأثاث والديكورات الأوروبية اللى بتكون أسعارها غالية رغم أنها متكررة ومفيهاش اختلاف، لكنها للأسف عمرها ما بتعبر عنا أو هويتنا، لكنها عقدة الخواجة».