في الصباح تُمسك بقلم وكراسة، وبالليل تستبدلهما بسِبَح وسلاسل، هكذا تقضي «هاجر» يومها كما عوَّدتها والدتها، إذ تستيقظ باكرًا تُحضر وجبة الإفطار لها ولإخوتها، ثم تستعد للذهاب إلى المدرسة، وما إن ينتهي اليوم الدراسى، تذهب بـ«زى المدرسة» إلى شارع المعز بالقاهرة، للعمل مع والدتها في التجارة.
هاجر محمد، 8 سنوات، تدرس في الصف الثاني الابتدائي، تقطن بأحد شوارع مصر القديمة، تروي عن حياتها اليومية، وكيف تستطيع أن تدمج بين العمل والدراسة في يوم واحد، قائلة: «أنا بشتغل وبروح المدرسة، بمجرد ما أخلص المدرسة كل يوم أروح مع ماما أشتغل، هى بتروح الحسين كل يوم تجيب بضاعة، وتديني منها شوية أبيعها، ومحددين سعر قليل خمسة جنيه للقطعة، عشان لو غالية محدش هيشتري منِّى، وأنا عايزة أبيع والزباين يعرفوني وأبقى شاطرة في التجارة، والحمد لله كل يوم ببيع دستتين سلاسل وأروح البيت».
وعن طموحها في المستقبل، قالت الطفلة إنها ترغب أن تصبح طبيبة «أنا بحب أسماء بنت خالي عشان بتشتغل دكتورة وبتعالج العيانين، ونفسي أبقى دكتورة زيها عشان أعالج بابا لأنه تعبان وعنده الكبد، ودلوقتي بشتغل مع ماما عشان أساعدها فى مصاريف البيت».
مواقف وأحداث في ذهن «هاجر»، تراود مخيلتها من وقت لآخر، إذ كانت تتابع «أسماء» ابنة خالتها وهي عائدة من الجامعة مع زميلاتها، وتلمع عيناها كلما لمحت «البالطو الأبيض»، قائلة: «نفسى أطلع دكتورة وألبس بالطو أبيض زي أسماء وصحباتها، لما بنزل أبيع فى الشارع بشوف دكاترة كتير حاطين على دراعهم بالطو أبيض وراجعين من الكلية، ببقى نفسي ألبسه زيهم وأكشف على كل العيانين، ولو فيه واحد عيان فقير هكشف عليه ببلاش».