هل تقبل صلاة العشاء بدون الشفع والوتر؟
يحرص كثير من المسلمين إلى جانب أداء فروض الصلاة الخمسة، على مدار اليوم، على بعض الصلوات الأخرى حبًا وتقربًا إلى الله، منها صلاة الشفع والوتر، التي تؤدى بعد صلاة العشاء إلى ما قبل الفجر، ولأن هذه الصلاة لها أفضال كثيرة، هناك عدة أسئلة مهمة يتداولها كثيرون، حول ما إذا كانت صلاة الشفع والوتر سنة أم فرضًا؟ وهل تُقبل صلاة العشاء دونهما؟ وهل يجوز تأديتها بعد أذان الفجر أم لا؟ وغيرها من الأسئلة.
هل صلاة الشفع والوتر فرض أم سنة؟
حول ما إذا كانت صلاة الشفع والوتر فرضًا أم سنة، أوضح الشيخ أشرف صلاح، واعظ بالأزهر الشريف، أن صلاة الشفع والوتر، سنة نبوية مؤكدة وليست فرضًا، ما يعني أن عدم صلاتها لا يُعاقب عليه المسلم، إلا أنه سيُكافأ على تأديتها.
وأضاف الواعظ الأزهري، أن وقت صلاة الشفع والوتر، من بعد صلاة العشاء حتى وقت أذان الفجر.
ماذا يفعل من نسي صلاة الشفع والوتر؟
لأن صلاة الشفع والوتر ليست فرضًا وإنما سنة، فأحيانًا ينسى بعض الأشخاص تأديتها، ما يطرح سؤالًا حول ما يفعله من نسى تأدية صلاة الشفع والوتر، وهو ما أجاب عنه «صلاح»، قائلًا إن من نسى صلاة الشفع والوتر فليصليها متى تذكرها، في وقتها أو بعد وقتها، وحتى أذان الفجر.
هل يجوز صلاة الشفع والتر بعد الفجر؟
وقت صلاة الشفع والوتر من بعد صلاة العشاء، حتى أذان الفجر، ما يعني أنه لا يجوز تأديتها بعد أذان الفجر، إلا أن بعض العلماء قالوا إنه يجوز تأديتها بعد صلاة الفجر في حال نساها المسلم: «هؤلاء العلماء اعتمدوا على حديث النبي صلى الله عليه وسلم، وهو: من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها متى ذكرها، ما جعلهم يجيزوا تأدية صلاة الشفع والوتر بعد صلاة الفجر».
ورغم أن بعض العلماء أجازوا تأدية صلاة الشفع والوتر بعد صلاة الفجر، إلا أن الصحيح والأولى أن وقتها ينقضي بأذان الفجر أو طلوع الفجر، ما يعني أنه يُفضل صلاتها من بعد العشاء، حتى قبل أذان الفجر، ومن غير المحبب تأديتها بعد الفجر: «الراجح أن وقت الوتر يخرج بطلوع الفجر، وأن ما بعد طلوع الفجر ليس وقتًا لفعل الوتر أداءً، قال النووي في شرح المهذب: قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر وقت للوتر، ثم حكى عن جماعة من السلف أنهم قالوا يمتد وقته إلى أن يصلي الصبح وعن جماعة أنهم قالوا يفوت لطلوع الفجر»، بحسب «صلاح».
وأضاف: «وبين ابن قدامة أدلة رجحان القول بأن الوتر يخرج وقته بطلوع الفجر، فقال رحمه الله: والصحيح أن وقته إلى طلوع الفجر لحديث معاذ والحديث الآخر، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة فأوترت له ما قد صلى. وقال: اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً. متفق عليه. وقال: أوتروا قبل أن تصبحوا، وقال: الوتر ركعة من آخر الليل. وقال: من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر من أوله. أخرجهن مسلم»، وأنه لذلك لا يشرع تعمد تأخير الوتر ليصليه المسلم بعد الأذان الثاني للصبح، لأنه ليس وقتاً له، ولكن من فاته الوتر فإنه يشرع له قضاؤه، وقضاؤه قبل صلاة الصبح أولى لوروده عن كثير من السلف، ولأنه وقت للوتر عند بعض العلماء.
هل تقبل صلاة العشاء بدون الشفع والوتر؟
أشار الواعظ بالأزهر الشريف، إلى أن صلاة العشاء تُقبل دون الشفع والوتر، لافتا إلى أن صلاة الشفع والوتر سنة نبوية مؤكدة، ما يعني أن تأديتهما يُكافئ عليهما المسلم، إنما لا يُعاقب على إغفالهما: «صلاة العشاء تُقبل دون الشفع والوتر ما دام المسلم أداها بشكل صحيح وبخشوع والتزم خلالها بكل شروط الصلاة».
فضل صلاة الشفع والوتر
على الرغم من أن صلاة الشفع والوتر ليست فرضًا، إلا أن تأديتها له فضل كبير في حياة المسلم ويكافئ عليه: «حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: الْوِتْرُ لَيْسَ بِحَتْمٍ كَصَلَاتِكُمُ الْمَكْتُوبَةِ، وَلَكِنْ سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ، فَأَوْتِرُوا يَا أَهْلَ الْقُرْآنِ.. وَفِي الْبَابِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ. حَدِيثُ عَلِيٍّ حَدِيثٌ حَسَنٌ»، وفقًا للواعظ بالأزهر الشريف.
سور يفضل قراءتها في صلاة الشفع والوتر
لا توجد سور أو آيات قرآنية معينة مُحبب قراءتها خلال تأدية صلاة الشفع والوتر، إنما يجوز للمسلم قراءة أي سورة أو آية يشاءها: «لم يرد سورة معينة يُفضل تلاوتها أثناء الشفع والوتر، إنما كل شخص يختار السورة والآية التي يهوى ترديدها ويريد مناجاة ربه بها، بما يسكن قلبه من مشاعر واحتياجات».
كيفية صلاة الشفع والوتر
أجابت دار الإفتاء، عبر بوابتها الرسمية، عن سؤال كيفية أداء صلاة الشفع والوتر، موضحة أن صلاة الوتر سُمِّيت بـ«الوتر»، لأنها تصلى بعددٍ وتر، أي عدد فردي، ركعةً واحدةً، أو ثلاثًا، أو أكثر، فلا يجوز جعلها شفعًا، والوتر سنةٌ مؤكدةٌ، وليس واجبًا على الصحيح.
وعن كيفية اداة صلاة الشفع والوتر، ذكرت «الإفتاء»: «أما عن كيفية صلاة الوتر: فهي أن يصلي ركعةً، أو ثلاثًا، أو أكثر من ذلك وترًا، فإن أوتر بركعةٍ؛ ركع وسجد وتشهَّد فيها وسلَّم، وإن أوتر بثلاثٍ: يجوز له أن يصلي الثلاث ركعات متصلات بتشهد واحد، أو يصليها بتشهد بعد الثانية من غير تسليم، وتشهد بعد الثالثة؛ كهيئة صلاة المغرب، أو يفصل بينها؛ فيصلي ركعتين ويسلم، ثم يصلي ركعة ويسلم، وكل هذه الصور صحيحة».
طريقتان لتأدية صلاة الوتر
أضافت الإفتاء، أنه إذا صلى المسلم الوتر، ثم أراد أن يصلي بعد ذلك، فله عند الفقهاء طريقتان:
الطريقة الأولى: أن يصلي شفعًا ما شاء، ثم لا يوتر بعد ذلك، وعليها الجمهور.
والطريقة الثانية: وعليها القول الآخر عند الشافعية: أن يبدأ نَفْلَه بركعةٍ يشفع بها وترَه، ثم يصلي شفعًا ما شاء، ثم يوتر، وذلك جمعًا بين الحديث الذي ينهى عن وترين في ليلة، والحديث الذي يأمر أن تكون آخر الصلاة من الليل وترًا.
صلاة الشفع ونقض الوتر
وعن صلاة الشفع، ذكرت دار الإفتاء: «قال الإمام النووي في المجموع شرح المهذب (4/ 15): إذا أوتر قبل أن ينام، ثم قام وتهجد، لم ينقض الوتر على الصحيح المشهور، وبه قطع الجمهور، بل يتهجد بما تيسر له شفعًا، وفيه وجه حكاه إمام الحرمين وغيره من الخراسانيين: أنه يصلي من أول قيامه ركعة يشفعه، ثم يتهجد ما شاء، ثم يوتر ثانيًا، ويسمى هذا نقض الوتر».