أسئلة عدة تشغل أذهان المسلمين، التي تتعلق بالعبادات الدينية حول مدى صحة فعلها من عدمه، وهل يرتكب فاعلها ذنوب أم لا؟ من بينها السؤال الوارد عن حكم قراءة القرآن الكريم بشكل جماعي.
وتجيب دار الإفتاء، دائمًا عبر موقعها الرسمي على تلك الأسئلة المحيرة التي تشغل بال المسلمين في مختلف أنحاء العالم، المتعلقة بالعبادات والأحكام الدينية وكافة الأمور التي تتناولها الشريعة الإسلامية.
حكم قراءة القرآن بصورة جماعية
وورد سؤال إلى دار الإفتاء، بعد مزاعم بعض الأشخاص، أنَّ قراءة القرآن بصورة جماعية بدعة، وقالوا إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم دخل على أصحابه فوجدهم يقرؤون القرآن جماعة، فقال: «هَلَّا كل منكم يناجي رَبَّه في نفسه»، فهل هذا حديث صحيح؟ وهل يصح الاستدلال به؟
وأجاب الدكتور شوقي إبراهيم علام، مفتي الجمهورية، على السؤال عبر الموقع الرسمي لدار الإفتاء، بأن قراءة القرآن بصورة جماعية مُنظمة لا اعتداء فيها ولا تشويش عند التلاوة أو التعليم، وهي أمر جائز شرعًا.
وعن استدلال بعض الأشخاص بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهو استدلال فاسد مقطوع عن الفهم الصحيح، وتحريف لنصوص السنة النبوية الشريفة، وإنما الوارد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، هو الإرشاد إلى تنظيم قراءة القرآن؛ بحيث لا يقع تشويش من القُرَّاء بعضهم على بعض أثناء القراءة، بحسب مفتي الجمهورية: «الاستدلال بما ذُكر في السؤال على منع ما استَقَرَّ عليه عملُ المسلمين من قراءة القرآن بصورة جماعية مُنظَّمَة لا اعتداء فيها ولا تشويش عند التلاوة أو التعليم استدلال فاسد، وتحريف لنصوص السنة النبوية الشريفة».
الدليل على جواز قراءة القرآن بصورة جماعية
واستدل الدكتور شوقي، بأن المقصود هو الإرشاد إلى تنظيم قراءة القرآن فُرادى، بالوارد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، في حديث أبي حازمٍ التَّمَّارِّ عن الْبَيَاضِيِّ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خرج على الناس وهم يُصَلُّون وقد عَلَتْ أصواتُهُم بالقراءة، فقال: «إن المُصَلِّي يناجي رَبَّه عَزَّ وَجَلَّ، فليَنظر ما يناجيه، ولا يَجهر بَعضُكُم على بعضٍ بالقرآن».
وأكدت دار الإفتاء، أن هذا الحديث لا يدل على النهي عن القراءة الجماعية المُنظمة أو الذكر الجماعي كما هو حاصل في مساجد المسلمين وبيوتهم عبر القرون، وإنما فيه النهي عن تشويش القُرَّاء بَعضُهُم على بعضٍ بالقراءة؛ فالاعتداء منهي عنه على كل حال، قال الإمام ابن عبد البر في «الاستذكار»: «لا يُحَبُّ لكلِّ مُصلٍّ يقضي فرضه وإلى جنبه من يعمل مثل عمله أن يُفرطَ في الجهر؛ لئلا يخلط عليه، كما لا يُحَبُّ ذلك لمتنفل إلى جنب متنفل مثله، وإذا كان هذا هكذا فحرام على الناس أن يتحدثوا في المسجد بما يشغل المصلِّي عن صلاته ويخلط عليه قراءته».