رحلة طويلة خاضها الشاب الثلاثيني من جامعة الأزهر إلى «فرجينيا تك» بالولايات المتحدة، بعدما ظهرت عليه بوادر الاكتشاف والابتكار وهو في سن صغير، كان يتسلل إلى جهاز الكمبيوتر الخاص بشقيقه الأكبر منه، الذي كان يدرس علوم الحاسب، وأثار انتباهه حينها قدرة الجهاز على تخزين كميات كبيرة من المعلومات، ومن هنا فتح مجال هندسة الكمبيوتر أمامه، حتى قبل التحاقه بالجامعة، وتحديدا قسم النظم والحاسبات، بكلية الهندسة بنين.
مرت السنوات، وبإيمانه الشديد أن الله سيكافئه مادام كان الطموح مقترنًا بالصبر، وصل إلى طريق الإنجاز بكتابة اسمه بحروف من نور، بعد أن فكر في استخدام الذكاء الاصطناعي لعلاج مرضى الفيرس سي الناتج عنه سرطان الكبد، بما أن مصر لها نصيب كبير من مصابي هذا المرض، بحسب قوله.
نموذج برمجي لعلاج مرضى سرطان الكبد
فكرة تطوير نموذج برمجي لعلاج مرضى سرطان الكبد، راودت عقل «هيثم المراكبي»، بعد ملاحظته مشكلة قائمة بين مستشفيات ومراكز البحث في أمريكا من خلال تحليلهم للسجل الجيني للمريض، في منطقة الإصابة بالسرطان؛ لمعرفة التطورات والطفرات، مقارنة بباقي أجزاء الجسم.
وتكمن المشكلة في أن كل مستشفى يعمل منفصل عن الآخر؛ فتجميع قاعدة بيانات المرضي من هذه المستشفيات هو هدف المشروع البحثي لـ«هيثم» ليتمكن من تطبيق الذكاء الاصطناعي على البيانات الخاصة بالمرضى وتحديد نوع السرطان لكل مريض إذا كان مبكرا، أو من النوع المتقدم المقاوم للأدوية، والذي انتشر بسرعة أو قد ينتشر إلى أعضاء أخرى.
تحديد الجينات المهمة لمعرفة مدى تأثيرها على انتشار السرطان للسيطرة عليه
وبتطوير برنامج التعلم العميق «Deep Neural Networking»، حسب ما قاله «المراكبي» لـ«» تمكن هو وفريق البحث من تحديد مرحلة السرطان أوتوماتيكيا، بعد رصد السجلات الجينية للمرضى.
وعن طريق استخدام هذه الآلية المبتكرة، استطاع فريق هيثم المراكبي البحثي تحديد عددا من الجينات المهمة؛ لمعرفة مدى تأثيرها على انتشار السرطان للسيطرة عليه داخل الجسد، بالإضافة إلى اكتشاف عددا من الأخرى «الجديدة»، التي لم تكن معروفة في عملية انتشار سرطان البروستاتا من قبل، بحسب قوله.
لم يكن الأمر سهلا على الذكاء الاصطناعي في البداية، نظرا لعدم اكتمال معظم السجلات الطبية والعلاجية الخاصة بالمرضى، كالأدوية التي تناولوها أو الأمراض التي أصابتهم قبل ذلك، مع اختلاف البيانات الجينية لكل مريض.
طموح تطبيق المشروع بمصر
يأمل هيثم المراكبي في بدء التجارب السريرية على هذا الجين المكتشف عند المرضى، خاصة تواجد الأدوية المعالجة والبديلة لهذا الجين، ويتوقف هذا على شركات الأدوية والمتطوعين في أمريكا، كما يطمح إلى تطبيق هذا المشروع في مصر، والتوسع في استخدام التحليل الجيني لمرضي السرطان: «محتاج أبدأ التجارب السريرية للمشروع البحثي عشان يبدأ تطبيقه»، بحسب تعبيره.