كرّس عدسته خدمة لإظهار الفظائع والجرائم التي يرتكبها جيش الاحتلال في حق الفلسطينيين، فكان الصحفي وائل الدحدوح هو وباقي الصحفيين يعملون بلا كلل أو خوف في أرض الاحتلال التي يسقط عليها مئات الشهداء يوميًا، حتى سقط مُصابًا بشظايا جيش الاحتلال في بركة من الدماء، خلال تغطيته للأحداث في خان يونس جنوب قطاع غزة.
وعلى الرغم من إصابته، إلا أنّ وائل الدحودح تقدم صفوف الصحافيين، الذين شيّعوا جثمان المصور الصحافي سامر أبو دقة الذي كان معه خلال تغطيتهما سقوط شهداء وجرحى إثر قصف إسرائيلي طاول مدرسة «فرحانة» وسط خان يونس .
وائل الدحدوح يروي تفاصيل استهدافه
وفي أول ظهور له على شاشة التليفزيون، وقف وائل الدحدوح مرة أخرى أمام الكاميرا، يُمسك المايك، ويرتدي السترة الصحفية ليعود للتغطية الإعلامية في غزة مرة أخرى، ويروي شهادته لتفاصيل ما جرى أمس من استهداف مُتعمد له وللصحفي سامر أبو دقة قائلًا في تصريحات تليفزيونية: «ألم جديد ووجع جديد يُضاف لما هو موجود من أوجاع وآلام وجروح، يُضاف لهذه الصفحات التي نشاهدها في هذه الحرب من أهوال».
ويقول «الدحدوح» عن الشهيد سامر أبو دقة إنّه كان في غاية الحماس، ومندفعًا بطريقة لم يسبق لها مثيل، وصمم أن يرافقه ليكون في هذه المهمة التي تشجعوا إليها بعدما حصلوا على الموافقة من جيش الاحتلال الإسرائيلي، بهدف إطلاع العالم على صور جديدة لم يصلها أحد من قبل ولم تصلها عدسة كاميرا من قبل: «حاولنا واجتهدنا لالتقاط صور غير مسبوقة لمشاهد الدمار التي عمّت المكان، لدرجة أنّه استغرق وقت الوصول للمدرسة وقت طويل جدًا، لأنّ كثير من الشوارع كانت مليئة بالدمار، ومعظم الشوارع اضطرننا للنزول حتى وصلنا إلى طرق مسدودة واستكملنا سيرًا على الأقدام».
كان وائل الدحدوح وغيره من الصحفيين يتفرقون بين الشوارع، تجنبًا للاستهداف، وأثناء سيرهم بضعة أمتار باتجاه سيارة الإسعاف، شعروا وكأنّ عاصفة تخطفتهم جميعًا وألقتهم كلٌ في جهة: «شعرنا بدوار ودوخة، وبالكاد تمالكت نفسي بعد لحظات، واتكأت على بعض الركام وقُمت بالفعل، وكان مجاور لنا بعض المنازل المفتوحة وحاولت أن أدخل لكن نظرت إلى يدي رأيتها تنزف نزيف شديد جدًا، وأدركت أنّه لو دخلت إلى الحواصل سوف أموت نزفًا وأنا لا أعرف أين سيقع الصاروخ الثاني».
تغطية صحفية: “الصحفي وائل الدحدوح من وسط جراحه يودع الشهيد سامر أبو دقة الذي ارتقى بعد تعرضهما للقصف خلال تغطيتهما للعدوان على خان يونس جنوب قطاع غزة”. pic.twitter.com/QTlvmBNZly
— #القدس_ينتفض (@MyPalestine0) December 16, 2023
اللحظات الأخيرة في حياة سامر أبو دقة
دقائق قليلة وصعبة، مرّت على الصحفي وائل الدحدوح، حتى قرر أن يضغط على الجرح الغائر في ذراعه، ويصل إلى سيارة الإسعاف في ظل استشهاد رجال الدفاع المدني، وكان صوت سامر وهو يصرخ آخر ما سمعه، إلا أنّ حالته الصحية لم تُمكنه من تقديم المساعدة له: «قررت أن أصل لسيارة الإسعاف حتى يتسنى لنا أن نأتي بالمسعفين لهذه المنطقة، وينقذوا الزميل سامر، وسِرت بصعوبة، وعندما رأيت المسعفين كانو ينتظروننا في نهاية الطريق حاولت أن أصرخ وأطلب النجدة، لكن كان الموقف خطر جدًا، ولم يكن بمقدور السيارة أن تدخل لأن المكان كان مكان استهداف».
وعندما وصل وائل الدحدوح إلى سيارة الإسعاف حاول رجال الدفاع المدني إنقاذه أولًا، ثم البدء في إجلاء الصحفي سامر أبو دقة، إلا أنّ الوقت لم يُمهلهم لإسعافه حتى استشهد متأثرًا بإصابته: «سامر كانت إصابته في الجزء السفلي من جسده، والنزيف كان كبيرًا، ولكن بعدما غادرت المكان لا أدري إذا تم استهدافه مرة أخرى، لأنّ الحالة التي وصل بها كانت صعبة جدًا وإصابته صعبة جدًا، وكان هناك تهتك شديد في الجزء السفلي من الجسد وفي الأحشاء، حتى أنّ بعض أجزاء الكاميرا كانت ملتصقة في جسده وفي أقدامه، الكاميرا نفسها كأنّها غارت في جسد الزميل، وهو ما يشير إلى أنّه كان هناك أكثر من استهداف».