توالت الأزمان على سوق رَبع السلحدار بخان الخليلى في القاهرة، بداية من الحقبة العثمانية، ثم سكن طلاب الأزهر في السوق، وصولا إلى تُجَّار النحاس الذين يمتلكون السوق إلى يومنا هذا، وسط الأدوات النحاسية بأشكالها الأصيلة يجلس «ماهر فهمى» حارسا مهنة أجداده، رافضا إدخال أي تعديلات عليها.
وصل «عم ماهر» إلى عامه الـ60، ليحتفل بأنه يعمل وسط المقتنيات الثمينة منذ 54 عاما، يشاهد يوميا الساعات والأجراس والصواني النحاسية وغيرها من الأدوات التى تحيطه من كل اتجاه، إذ ورث هذه المهنة عن أجداده فأحب اقتناء التحف النحاسية بجميع أشكالها، يقول: «الناس الكبيرة لما تعلموا المهنة كانوا بيتقنوها صح، ماشيين بمقولة التعليم في الصغر كالنقش على الحجر».
ظهور فن «الزنكوجراف» حديثًا
تعلّم «ماهر» من والده كل أنواع النقش؛ العربى والقبطى والفرعونى، وغيرها: «كان فن الأرابيسك بيتعمل يدويا، ويتم تطعيمه بالفضة والذهب قديما، وحديثا الاتجاه بقى على فن «الزنكوجراف» بينقل الرسمة من الفيلم على ورق الكلك، ثم يضعها على الصينية النحاسية لتلتقط الرسمة، وده مش حفر، زمان كان ممكن يقعدوا شهر علشان يحفروا قطعة ويطعموها، حتى تُصبح تحفة فنية».
«النحاس كان أساسي فى بيت العروسة زمان»، ذلك الاختلاف الذي رصده التاجر الستينى: «كان اللي يمتلك النحاس عنده ثروة، وخاصة النحاس الأحمر، ليتغير الزمن ويُستبدل النحاس بأطقم من البلاستيك والأركوبيركس وغير ذلك، على عكس زمان كانت الست تخزن اللحوم بعد تشويحها والتخلص من زيوتها في قدرة الفول النحاسية بعد طلائها بالسمن البلدى».
حرص «ماهر» على اقتناء الأدوات النحاسية
أنهى «ماهر» تعليمه الأزهري بناء على رغبة والده، ليكون سلاحا له إلى جانب حرفته، حتى لا تموت تلك الصنعة: «قاعد وسط الزمن القديم»، ويعتبر أن قلة حاليا تعرف قيمة النحاس، والآن بعض الأجانب يأتون إليه لاقتنائها، لذلك هو يحتفظ بأواني أكل وشرب من النحاس في بيته.