في قلب شارع المعز، يقف جامع الأقمر كتحفة معمارية تحاكي أصالة وجمال العصر الفاطمي. بُني هذا الجامع العريق في القرن الـ12، ليحمل بين جدرانه قصصاً من الماضي، وزخارف تجسد براعة الفن الإسلامي.. فعلى الرغم من مرور قرون، فإنّ الجامع الأقمر لا يزال يُبهر الزوار بتصميمه الفريد وأسراره التي ترويها حجارة نقشت بلمسات فنية نادرة. فما سر تسميته؟ وما الذي يميزه عن غيره من الجوامع الفاطمية؟
أدرجت «يونسكو» الجامع الأقمر، ضمن قائمة التراث العالمي، والذي أمر الخليفة الآمر بأحكام الله أبو علي منصور بن أحمد عام 519هـ، 1125م ببنائه، وكلف بمهمة البناء وزيره محمد بن فاتك بن مختار بن حسن بن تمام المعروف تاريخيًا بـ أبو عبد الله المأمون بن البطائحي، والبطائحي نسبة إلى أصوله التي تنتمي إلى البطائح في العراق والواقعة بين البصرة والكوفة، وفي عام 1979.
حقيقة الاسم
في السياق ذاته، قال الدكتور مجدي شاكر كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار، إنّ المسجد سمي بهذا الاسم وفقاً لبعض الأقاويل، نظرًا إلى لون حجارته البيضاء التي تشبه لون القمر، إلا أن الحقيقة تشير إلى أنّه لا علاقة للتسمية بلون الأحجار، فلا توجد أحجار مضيئة في الجامع، بل كان من عادة الفاطميين تسمية الأشياء على صيغة أفعل التفضيل ولذلك نجد الجامع الأزهر والجامع الأفخر والأنور ثم الأقمر.
الدكتور مجدي شاكر أوضح في تصريح لـ«» أن الجامع الأقمر به عدة سمات تجعله متميزًا أولًا أنه أول جامع فيه الواجهة تحترم خط تنظيم الطريق بدلا من أن تكون موازية لصحن الجامع، كي تصير القبلة متخذة وضعها الصحيح ولهذا نجد أن داخل الجامع منحرف بالنسبة للواجهة.
أهم ميزة في تصميم الجامع
شاكر أشار إلى أهم ميزة في تصميم الجامع وهي استعمال المقرنصات والتي لم تُستعمل قبله إلا في مئذنة جامع الجيوشي الواقعة في القاهرة، وتلك الزخرفة انتشرت في جميع العمارة الإسلامية تقريبًا بعد هـذا الجامع، ويعلو الباب طاقة كبرى نُقش على الحلقة الوسطى منها بالخط الكوفى، بسم الله الرحمن الرحيم «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا».
وصف المسجد
كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار بدأ في وصف المسجد، مشيراً إلى أنّ الجامع عبارة عن صحن صغير مربع، طول ضلعه 10 أمتار وهو محاط بأربعة أروقة، أكبرها رواق القبلة به 3 بوائك عقودها محلاة بكتابات كوفية مزخرفة ومحمولة على أعمدة رخامية قديمة ذات قواعد مصبوبة وتيجان مختلفة تربطها كتل خشبية، والجامع مغطى بقباب ضحلة منخفضة وهو عنصر جديد في ذلك الوقت يظهر كيفية تطور تغطية الأروقة في جوامع القاهرة، وقد شاع استخدام هذا الأسلوب فيما بعد في مساجد العصر العثماني.