في إحدي الورش الخاصة بتصنيع وطلاء الأثاث، يقف طفل على برميل قديم، لكي يتمكن من الوصول لارتفاع الطاولة التي يعمل عليها، يحمل في يده سكين المعجون، ويقوم بتوزيع الطلاء على قطعة من الأثاث المصنوعة من الخشب، وعلى الرغم من صغر عمره إلا أنه تمكن من إتقان واحدة من المهن التي تحتاج إلى مجهود كبير، في 10 أيام فقط.
تعليم ومسؤولية وشغل وقت الفراغ
يوسف هاني، طالب في الصف الخامس الابتدائي، قرر والده الذي يعمل بمهنة طلاء الموبيليا «دوكو» منذ أكثر من 25 عاما، أن يصطحب أبنائه الصغار للعمل معه خلال فترة الصيف، خوفا عليهم من الفراغ أمام شاشات الهاتف أو في ألعاب الفيديو، وفي الوقت نفسه ليتعلموا مهنته ومصدر رزقه الوحيد، ويعرفون معنى تحمل المسؤولية بحسب حديثه مع «».
يوسف يفاجئ والده
بدأ «هاني» تعليم أبنائه المهنة حتى يتمكن الصغار من مساعدته، ولكن أثناء متابعته لهم وجد أن «يوسف» مهتم بشكل كبير بأن يتعلم أدق التفاصيل، ولكن خوف والده عليه في البداية، جعله ينصح ابنه بتوخي الحذر وعدم الاقتراب من الآلات التي تعمل بالكهرباء والحادة، ولكن شغف الصغير لتعلم المهنة جعله يختلس فرصة انشغال والده ويقوم بتجربة العمل بنفسه.
وخلال فترة لا تزيد عن عشرة أيام تفاجأ الأب بمهارة ابنه، التي لم يتوقعها.
الوالد: ما تعلمه في 10 أيام يحتاج عام كامل
وبعد مرور عشرة أيام من ذهاب «يوسف» إلى ورشة والده، بدأ في القيام بتجربة تنظيف الخشب من الطلاء باستخدام أداة «الصنفرة» وتوزيع الطلاء على الخشب بالفرشاة، وإتقان الوالنسب التي يقوم والده بوضعها، وتشغيل الآلات الموجودة داخل الورشة، حتى أقنع والده بمهارته، وجعله يتحدث عنه وعن كفاءته، «ما تعلمه يوسف في هذه المدة يحتاج ما لا يقل عن عام من أي شخص آخر لتعلمه».
وفي نهاية حديث الأب مع «» يؤكد أنه يرغب في تعليم أبنائه أولًا، وأن يحقق كل منهم أحلامه بعيدًا عن العمل في مهنته، «محتاج أشوفهم أفضل مني»، ولكن عندما استدعي «يوسف» ليتحدث عن طموحاته، اختلف كثيرًا عن رأي والده، مؤكدا أنه يرغب في أن يصبح محاسبًا في المستقبل، مع حرصه على توسيع ورشة والده لكي تصبح أكبر ورشة في مجال الدهانات والموبيليا.