معاناته كانت كفيلة لترسم الأمل، لينظر بعين الرحمة لأمثاله ممن يعانون بسبب جلوسهم على كرسي متحرك، لذا بدأ «يوسف» بالبحث عن وسيلة تجعل التنقل والعيش داخل المجتمع أمرا بسيطا، والتفكير في وسيلة لنقل ذوي الاحتياجات الخاصة، من وإلى أي مكان داخل حدود مصر، ليقرر إنشاء أول شركة لنقل أصحاب الكراسي المتحركة لمساعدتهم على الحركة في سهولة.
يروي «يوسف يغمور» صاحب الـ45 عامًا لـ«»، أنه بدأ في عمله الخاص لإنشاء وسيلة نقل خاصة لأصحاب الكراسي المتحركة منذ 2019: «الموضوع بدأ من معاناتي في الانتقال والحركة من مكان للتاني بسبب مرض التصلب المتعدد اللي عندي من 2009، لأننا يا إما هنتربط في حبل أو هنتشال أو هنتعامل معاملة غير آدمية بسبب الكرسي المتحرك، عشان كده بدأت أفكر في الموضوع وقدرت أستورد عربية من الطراز الأوروبي ومن هنا كانت بداية مشروعي».
«يوسف»: هدفي الاندماج في المجتمع
«لما فكرت أعمل المشروع، كان هدفي إني أدخل جوه المجتمع وأندمج وأتعامل بشكل طبيعي، من غير ما الكرسي يكون عائقًا ليا، وأقدر أكسب من غير ما أمشي ورا اللي الحكومة بتدوهولي، بالعكس أنا أدى وأزود مش أخد، عشان كده بدأت البيزنس بتاعي»، بمشاعر فياضة شرح من خلالها «يوسف» معاناته في المجتمع، إذ بحث عن وسيلة راحة وفي ذات الوقت لكسب مادي له: «المشروع عبارة عن عربية كاملة مجهزة لنقل أصحاب الكرسي المتحرك لأي مكان في مصر، وأنا أشتري العربية المجهزة من الخارج وتكلفتها كانت 600 ألف جنيه تقريبا، وبدأت أعلن عن خدماتي بعدها».
في البداية عرض «يوسف» ابن محافظة القاهرة، الفكرة على الكثير، لكن ردهم كان في توجيهه إلى المؤسسات غير الهادفة الربح، لكنه رفض وأصر على فكرته لإنشاء مشروعه: «أنا كمان قررت أن نسبة كبيرة من الإداريين الموظفين جوه الشركة هيكونوا من ذوي الاحتياجات الخاصة، وحاليًا بجهز مقر الشركة يكون متكاملًا بالخدمات اللي تسهل عملهم داخل المقر».
يوسف: تعاونت مع شركات سياحة لتقليل التكاليف
بسبب تكلفة الإمكانيات المتاحة داخل السيارة، أرسل «يوسف» مجموعة من المهندسين إلى خارج البلاد، ليتعلموا كل ما يتعلق بالسيارة حتى تقلل من التكاليف، وتصبح صناعة مميزة داخل مصر، وبدأ في التعاون مع مجموعة من شركات السياحة لتوفير سياراته للسياح في أي وقت، كما يخطط لتنفيذ أتوبيسات مخصصة تحمل أكثر من 20 كرسيا بوجود مساعدين لراحة المسافرين: «الناس بتكلمنا وبنطلب منهم تقرير كامل بالحالة، والمكان اللي هيروحوه، ولازم ميكونش الشخص رايح المستشفى في حالة تستدعي الإسعاف لأن إذ ربما حالته تستدعي ممرضين وده مش متوفر عندنا، وكمان ميكونش الشخص موضوع على جهاز التنفس أو عنده مرض يستدعي ذلك لأن ممكن يكون في خطر على حياته بنقله من مكان للتاني، لكن لو شخص رايح المستشفى يكشف أو يطمن على نفسه بشكل روتيني ده مفيهوش مشكلة».
«قوة البني آدم من جوه، أي مصيبة هتحصل في حياتنا ده اختبار، وربنا إدانا المنفذ للخروج من الأزمة، لكن محتاجين ندور جوانا على المفتاح مش بره، والإنسان لازم يدور على اللي يفيد البني آدم، وبعد كده هتيجي الفلوس مش العكس»، هكذا اختتم «يوسف» حديثه بكلمات تبعث الطاقة في قلوب كل ذوي الاحتياجات الخاصة وغيرهم.