مع إشراقة كل صباح، يستيقظ يوسف محمد «طيار ديليفرى»، من منطقة إمبابة كى يستعد ليوم شاق، يبدأ مع دقات التاسعة صباحاً، مستخدماً دراجته الهوائية التى تمكن من شرائها بمساعدة والده، تنفيذاً لرغبة الصبى فى تحقيق الاستقلال المالى الذى يسمح له بالتحكم فى كافة أمور حياته، وعلى الرغم من صعوبة المهمة التى اختارها الفتى، فإن والده كان أكثر المشجعين له.
بملابس مهندمة ووجه شاحب وملامح بها سُمرة تدل على الشقاء والبقاء تحت أشعة الشمس لفترات طويلة، كان «يوسف»، الذى لم يكد يبلغ عامه الخامس عشر بعد، يستعد لتلقى «أوردر» جديد من الشركة التى يعمل معها جيداً حتى يتمكن من قبول الطلب فور إرساله ليزداد معه التقييم: «الشغل مش عيب ولا حرام، بالعكس لازم كلنا نسعى ونشتغل ونبذل أقصى حاجة عندنا علشان نحقق أحلامنا، وأنا ما بزعلش من نظرات الناس ليّا فى الشارع، ولا حتى من نظرة بعض العملاء لأنى مقتنع باللى بعمله، ومبسوط إنى بكسب فلوس من عرق جبينى».
مع بداية ظهور «إشعار» على شاشة الهاتف تفيد بوجود أوردر يقوم «يوسف» بقبوله مباشرة ثم يتوجه إلى المطعم، ومعه دراجته الهوائية ليشترى ما يطلبه العميل من أمواله الشخصية، التى يحصل عليها مرة أخرى بعدما يقوم بتوصيل الطلب للعميل: «بنزل كل يوم ومعايا 200 جنيه فى جيبى، وبرجع بيها من غير زيادة علشان فلوس التوصيل باخدها فى نهاية الأسبوع، يعنى أنا بوصل الطلب اللى تمنه مثلاً ٢٠٠ جنيه وديليفرى ١٠ يعنى ٢١٠ باخد أنا بقى الفلوس اللى دفعتها وفلوس التوصيل بجمعها آخر اليوم، وأبعتها للشركة من خلال شركة تحويل أموال».
الدراجة الهوائية من بين أسهل وسائل النقل، ولكن هناك عيباً بها أن قائدها لا يمكنه النجاة بنفسه حال تعرضه لصدمات قوية، لعدم اهتمام بعض شركات الشحن بتطبيق سبل الحماية والأمان على كافة العاملين بها: «معنديش خوذة ولا حاجة تحمينى لو وقعت، وأنا أكتر من مرة كنت فعلاً هعمل حادثة كبيرة وهروح فيها، لكن ستر ربنا بقى. تشجيع والديه له من بين أكثر الأمور التى تجعله يكمل بقوة فى تلك المهنة على الرغم من كونه ما زال صغيراً: «بابا واقف جنبى جداً، وبيشجعنى أعتمد على نفسى، وده اللى مهون عليا كل اللى بشوفه فى يومى، علشان فيه ناس بتبص لينا بنظرة مش كويسة، وممكن تؤذينا وإحنا أصلاً معملناش أى حاجة فيهم».