| يوم من حياة قفاصي بلد المليون نخلة.. «المهنة بتختفي ومنقدرش نسيبها»

على بُعد خطوات بسيطة من شاطئ البحر في قرية برج رشيد التابعة لمدينة رشيد بمحافظة البحيرة، يكسر صمت الصباح أصوات الطرق على الخشب التي تدوي من بعض البيوت التي امتهن أهلها صناعة الكراسي والأقفاص من جريد النخل، بيوت ضيقة تكاد تكفي لعيش أهلها يزاحمهم فيها أعواد جريد النخل المتناثرة في كل زاوية من أجل لقمة العيش.

بلد المليون نخلة

في غرفة مجاورة لمنزله الصغير بقرية برج رشيد التابعة لمدينة رشيد بمحافظة البحيرة، يقضي فتحي البراوي، نصف يومه أو ما يزيد، مفترشا الأرض ومن حوله أكوام من جريد النخل وفي يده مطرقة حديد وأدوات حادة يقطع بها الأعواد يشكلها بأطوال متقاربة ليصنع منها في نهاية الأمر أقفاص الخضار والفاكهة، مهنة كادت أن تندثر وتتلاشى ملامحها يحاول هو وقلائل من أهل القرية الحفاظ عليها.

«المهنة بتختفي مع الوقت عشان طبيعة الزمن اتغيرت بس أنا كبرت وعيشت عليها معرفش أغيرها لحد ما أموت»، يقول الرجل الستيني في بداية حديثه لـ«» بينما كان جالسا منهمكا في عمله الشاق.

أقفاص فاكهة وكراسي من جريد النخل

«الصغير قبل الكبير هناك حريفة في طلوع النخل، يقصوا الجريد من الجدر ويشكلوا منه أقفاص وكراسي ملهاش منافس في المتانة والقوة»، يستكمل القفاص حيثه عن تفاصيل المهنة التي يعتز بها رغم المعاناة التي يواجهها، حيث تبدأ من قطع جريد النخل حتى يتم تشكيلها بأيدي القفاصين إلى أقفاص وكراسي.

أدوات حادة لقطع الجريد

أدوات حادة يستخدمها أصحاب تلك المهنة لقطع الجريد وتشكيله على شكل أقفاص وكراسي، لم تسلم من حدتها أيديهم في أوقات كثيرة إلا أن حب المهنة غلب شقاها في قلوبهم، «بستخدم كتير أدوات حادة عشان أقطع الجريد واتعورت ألف مرة ومرة وعادي بنكمل شغل اتعودنا»، بحسب رواية القفاص فتحي.

خطوات قليلة تبعد عن بيت القفاص «فتحي» حتى تجذب عينك منظر قفاص آخر يجلس في غرفة صغيرة وقد أحيط به جريد النخل من كل مكان، يصنع منه كراسي متينة لها زبون خاص يطلبها ويقبل عليها.

العمل أكثر من 12 ساعة

يقضي أكثر من نصف يومه في تشكيل جريد النخل إلى كراسي، يشتريها منه أحد التجار الكبار لترويجها في كافة محافظات مصر لتاجر كبير، وبحسب روايته «أصعب حاجة في المهنة دي القعدة على الأرض 12 ساعة عشان نشكل الجريد» مشيدا بمتانة منتجاتهم بكلمات قليلة« شغلنا بيعيش لأنه متين ومصنوع بحرفة».

رغم شقا المهنة أحلامهم بسيطة، ورغم اختلاف الزمن والحال متمسكين بـ«صنعتهم» التي ورثوها عن أجدادهم، «مش عايزين غير إننا نطمن على ولادنا ونجوزهم وكده أدينا رسالتنا»، بحسب تعبير القفاص سيد.