الأخوة الثلاثة الحافظون للقرآن
قدَّر الله للوالدين أن يرزقا بمولود فاقد البصر، فحمدا الله عليه وسعيا ليعلمانه كتاب الله ويحفِّظانه إياه ليكون ذا شأن في المجتمع، ثم قُدر لهم إنجاب مولود آخر على نفس حال آخيه، فعملا على تعليمه ما علماه أخاه، ثم جاءت الثالثة على شاكلة أخويها ليسلك الوالدان بها نفس المسلك.
أحمد إبراهيم، وعبدالرحمن، ونجوى، ثلاثة أشقاء من أصحاب الإعاقت البصرية، استطاعوا إتمام حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة، فحظه الأول في سن الـ8 سنوات، والثاني في سن الـ11 سنة، والثالثة حفظت كتاب الله في المرحلة الإعدادية، واستطاع كل منهم أن يلتحق بالكلية التي لطالما حلم بها.
«أحمد» تخرج في كلية القرآن الكريم وحصل على الماجستير
قضى أحمد إبراهيم صاحب الـ27 عامًا رحلة مليئة بالتحدي، فحظ القرآن في سن مبكرة عن طريق الاستماع لكبار القراء في الإذاعة، بجانب التلقين من والديه وإرساله إلى كتاب البلد، حسب ما روى لـ«»، ثم حصل على عدة شهادات وتلقى عددًا من التكريمات في مسابقات القرآن التي التحق بها: «دخلت أكتر من مسابقة وأخدت فيهم مراكز أُول».
بعد هذه الرحلة القرآنية قرر ابن محافظة الجيزة الاتحاق بكلية القرآن الكريم؛ ليتمكن أكثر في هذا المجال، وينال القراءات العشر، ثم سعى بعد تخرجه لمجال الدراسات العليا: «حصلت على الماجستير، وحاليا بسعى للحصول على الدكتوراه».
يتمنى «أحمد» زيادة الاهتمام بذوي الهمم: «أتمنى التعامل مع المكفوفين يكون أفضل من كده في المجتمع، ويكون فيه اهتمام أكتر من جانبهم بالقرآن لأنه سلاحهم، ونفسي يكون في اهتمام بتوظيف ذوي الإعاقة في مجالاتهم».
«عبدالرحمن» حفظ القرآن وحصل على شهادات في علوم الحاسوب
عبدالرحمن إبراهيم 24 سنة، تخرج في كلية الدعوة منذ حوالي عامين، تميز منذ صغره بالنبوغ والذكاء، وخاصة في إجراء العمليات الحسابية، فلاحظ عليه والداه ذلك، ليقررا تحفظيه القرآن في سن مبكرة، ثم اتجه لتعلم لغة «برايل» وتعليمها لأقرانه في المرحلة الإعدادية، إذ يحكي لـ«»: «لما كان عندي 15 سنة والدي شجعني أطلع المنبر وأخطب الجمعة، وكان بيجيب كتب الخطابة ويقرألي ويسجلهالي عشان أراجعها مع نفسي».
قرر بعد ذلك الاتجاه لمجال الحاسوب: «دخلت مجال الكمبيوتر والتكنولوجيا وحصلت على دورات تدريبية فيهم، وفي التعليق الصوتي، واشتغلت في محطة إذاعية أونلاين وقدمت مجموعة من البرامج».
يهدف صاحب البصيرة لأن يكون صاحب إسهامات في المجال التوعوي والدعوي: «بطور من نفسي وبحاول أثقل مهاراتي من خلال القراءة: «نفسي أوصل لحد أكلمه عن ذوي الهمم والنظرة المجتمعية ليهم، ونفسي أحكي قصة والدي ووالدتي لأنهم هما اللي أثروا في حياتنا».
«نجوى»: واجهت التنمر من أجل الاتحاق بالكلية وحفظ القرآن
نجوى إبراهيم 19 سنة، تدرس بالفرقة الثانية في قسم التاريخ بكلية الدراسات الإنسانية جامعة الأزهر، جاءت إلى الحياة بإعاقة في بصرها وأحد كفيها، حفظت القرآن على يد شيخ في بلدتها، حسب ما روت لـ«»: «لما أخواتي اللي أكبر مني حفظوا القرآن أبويا وداني شيخ لغاية ماختمته».
واجهت الفتاة العشرينية الكثير من المصاعب، والكثير من التنمر بسبب إعاقتها: «كنت بواجه أنا وبنت عمي اللي زيي تنمر كتير من زمايلنا»، ولكن على الرغم من ذلك لم تتقاعس عن إكمال أهدافها وطريقها الدراسي: «أهلنا ربونا على إننا طبيعين، وبعمل كل حاجة في البيت زي الطبيعي بالظبط».
وجهت «نجوى» رسالة شكر إلى والديها اللذَين واجها الكثير من الصعوبات والمشاق في سبيل تربيتها وأخوتها على حب القرآن وحفظه والتخلق بمكارم الأخلاق، وتحلم بأن تصبح أستاذة في التاريخ الإسلامي بالجامعة: «نفسي أكون دكتورة لأن أبي هو اللي زرع في ده».