لطالما عملت جيرلان على إعادة ابتكار تراثها من خلال إبداعات فنيّة أصيلة سائرة على الحدود التي تجمع بين حب العطور وحب الفن.تُعتبر إصدارات الدار الاستثنائية بمثابة ثمرة لقاءات تجمع بين الفنانين والحرفيين الذين يتمتع كل منهم بمهارة مميزة ومعرفة أكيدة في مجالات الحِرف اليدوية الخاصة بهم.
تماشياً مع هذا التقليد، واستحضاراً لما كان يُطلق عليه ذات مرة الشرق، كانت ولادة مشروع فني جديد.
عملت بيغوم خان Begüm Khan مبدعة نمط حديث مميز للمجوهرات معروف باسمها زخرفة فنيّة راقية لقارورة النحل، ابداع فني دقيق مطبوع بنهج فريد. كونه مستوحى من الشرق والفن العثماني، اختارت المصممة ابتكارها هذا ليكون كجوهرة حقيقية تجمع عناصر يرتد صداها عاكساً الغرب وعالم جيرلان. أطلقت بيغوم خان العنان لإلهامها، مستمدةً إياه من عالم غامض من الأحلام ورسمت لعالم الحيوان وعالم النبات لوحة جديدة.كجزء من هذا المشروع الأصلي وتماشياً مع الأناقة الاستثنائية، جاء “حلم الملكة”Le Songe de la Reine، العطر الجديد والحصري الذي ابتكره تييري واسر Thierry Wasser.
مجوهراتبيغوم خان Begüm Khan
مصممة المجوهرات بيغوم كيروغلو نشأت في عائلة من هواة جمع الأعمال الفنيّة العثمانية.بدأت دراستها في جامعة ميلانو قبل أن تنتقل إلى شنغهاي حيث تخصصت في الفن الصيني. كونها من المعجبات بمختلف أشكال الفن، اختارت المجوهرات كعالم لها وابدعت في تصميمها وإتقانها، الامر الذي وضعها على مفترق طرق بين الفن والتصميم والموضة. وبالرغم من الفرص العديدة التي أتيحت لها وتفاعلها مع العديد من الثقافات المختلفة، إلا أن الشرق بقي وبامتياز مصدر إلهامها الرئيسي.
مجوهرات بيغوم خان مستوحاة إلى حد كبير من فخامة اسطنبول والهندسة المعمارية المهيبة لقصر توبكابي، الذي تتلألأ غرفه المزينة بشكل غنيّ في بيئة تأخذ فيها الطبيعة اللامحدودة مكانها الصحيح. حدائق هندسية، تنتشر فيها النوافير، محاطة بأشجار قديمة. العديد من أحواض الزهور، بما في ذلك حديقة الزنبق الشهيرة، تضيف بقعًا من الألوان إلى البيئة. يعمل الموقع الآن كمتحف، ويضم مجموعة رائعة من الأعمال الفنية – فن الخط الإسلامي والخزف واللوحات – بالإضافة إلى كنز من قطع المجوهرات الاستثنائية.
كل موسم، يتم ابداع مجموعات جديدة تتمحور حول مواضيع متنوعة وتأخذ منحنيات مختلفة (من أقمشة ومنسوجات التيبت، والطلاسم وصولاً إلى ماري أنطوانيت، على سبيل المثال لا الحصر)، والتي تعيد بيغوم خان تخيلها مجسدة إياها بإبداعات مفعمة بالإلهام الخيال.
بالنسبة إلى جيرلان، ابتكرت بيغوم خان عملاً فنياً كله من البرونز المطلي بالذهب ومرصع بالأحجار الكريمة المرصوفة. لقاء بين الشرق والغرب، كما تروي المصممة الشابة: “منذ الشروع في هذا التعاون، كنت مندهشة باستمرار من أوجه التآزر بيني، كمصممة تركية شابة، ودار جيرلان ذات العراقة التي تعود إلى قرون”.
تحول قارورة النحل
منذ تصميمها في العام 1853، وقارورة النحل الشهيرة يتم تصنيعها من قبل صانعي الزجاج “بوشيه دو كورفال” Pochet du Courval.
مع قارورة النحل، قامت المصممة الشابة بإقامة جسر بين الماضي والمستقبل؛ بين الشرق والغرب.
تبلور المشروع وأصبح حقيقة في اسطنبول. بالنسبة لبيغوم خان: “اسطنبول هي ورشة العمل حيث تتحقق أحلامي من خلال خبرة وشغف الحرفيين المحليين. أنا محظوظة للعمل مع هؤلاء الحرفيين الموهوبين والدقيقين، الذين لم أتمكن من مقابلتهم إلا في هذه المدينة الساحرة”. الجوهرة الثمينة التي صممتها بيغوم خان بعناية جاءت لتعانق قارورة العطر بسعة لتر واحد. نحلة إمبراطورية محاطة بأربعة أزهار أوركيد في أوج تفتحها تزين الزجاجة. صُنعت الزخرفة البرونزية في ورشة عملها في اسطنبول، وهي مطلية بالذهب عيار 24 قيراطًا ومرصوفة بما يقارب الـ6500 جوهرة ملونة (زركونيا). يتم إضافة كل حجر يدويًا واحدًا تلو الآخر. بمجرد وضعها على الزجاجة، فإن الزخرفة الثمينة تحجب الخرطوشة. يستغرق هذا العمل المميز الذي لا يضاهى والدقيق من الأعمال الصياغة الحرفية لمعادن أكثر من خمسين ساعة لإكماله.
ثمرة خيال الفنان، تحط النحلة على الزجاجة، جاهزة لجمع رحيقها. مصدر إلهام لبيغوم خان: “لطالما أثار النحل اهتمامي: هو مشهد مألوف، يطن من حولنا في كل مكان، ومع ذلك فغالبًا يتم التغاضي عن جمالهم. فالنحلة هشة لكنها قوية، شيء من الإلهام العميق في هذا التناقض. كما ويعتبر النحل مرادفًا لـ جيرلان، لذا كان اختيارًا طبيعيًا لتعاوننا”.
حول عنق الزجاجة في مشاغل جيرلان، يتم ربط خيط ذهبي رفيع بواسطة السيدات الحرفيات “دام دو تابل” Dames de Table. هذه التقنيات التقليدية، التي تنفذها أيدي موهوبة بشكل استثنائي، تشكل تراثًا تم توارثه على مدى عقود. بمهارة كبيرة، بتحركات دقيقة ومضنية كرقصة باليه راقية، تضاف اللمسات الأخيرة لتسمو في إكمال وتجميل هذا الإبداع.
هذا التعاون دفع بيغوم خان إلى الشروع في رحلة خيال جميلة على طريق العطر: “مع اختلاط رائحة خشب الصندل الشرقي وعطر برغموت حوض البحر الأبيض المتوسط، بدأت قصة خيالية تتشكل في ذهني. نحلة إمبراطوريّة جذبتها العاصمة العثمانية القديمة، تسافر إلى اسطنبول لتتغذى على حلوى اللوكوم الوردي وتتذوق المشروبات اللذيذة. مزينة بالمجوهرات المتلألئة، والمليئة بالذكريات الرومانسية، تعود أخيراً إلى باريس، وتهبط على بتلات متفتحة لأربعة زهور من الأوركيد الرائعة.”
“أو دو بارفان” عطر حصري:”لو سونج دو لا رين” (حلم الملكة)
هذا العطر الأصلي المميّز المستوحى من البحر الأبيض المتوسط يعززهتواجد نغمات التين العطرية، ونسمات شرقية الإلهام متجهة إلى اسطنبول. تألق يومٍ مشمس، تداعب فيه أشعة الشمس المشرقة النباتات المورقة لتنشر ألطف الروائح والعطور.
تخيل تييري واسر رحلة عطرية إلى أراضي البحر الأبيض المتوسط، “أو دو بارفان”مفعم بالنغمات الخضراء وعطور الاخشاب. يقول عن ابداعه هذا: “إنه عطر التناقضات بامتياز، تواجه فيه النغمات العطرية الخشبية، في حسيّتها وقوتها،حيوية النضارةوحلاوةعصارة التين النباتية.”
مقدمة العطر مكونات تتفجرفي نضارة مشرقة من عطور الحمضيات المنعشة الفوارةللماندارين اليوسفي والبرغموت ممزوجة بدفء ناري لعطرالفلفل الوردي. في قلب العطر: نغمات عشبية خضراء وحلاوة حليبية تغلف نغمات التين العطرية. لتتفتح بعدها، برفاه وسلاسة، قزحية جميلة. قاعدة العطر خشبية تُبرز عطر خشب الصندل المخملي،تحيط بهاعطور خشب الأرز ونجيل الهند. “أو دو بارفان” نابض بالحياة ومشرق ومكثف، في تناغم مثالي مع إبداعات الدار، لا سيما من خلال المكونات الرمزية المختارة.
يُعد البرغموت المفضل لدى جيرلان بسبب نضارته، حيث يتم الحصول عليه من مورد في كالابريا وكان شريكًا للدار منذ ثلاثة أجيال. هذا “الذهب الأخضر لكالابريا” بأوجهه العطرية المنعشة العشبية والزهرية، يجسد أحد تواقيع الدار.
يشتهر خشب الصندل برائحته الحلوة الكريمية الخشبية، وهو أحد أكثر المكونات شهرة لدى جيرلان. تتطلب الشجرة حوالي خمسة عشر عامًا لتنمو قبل أن يتم حصاد خشبها. تعتبر أستراليا اليوم مصدر جيرلان لخشب الصندل، هذا البلد الذي زاره تييري واسر في عدد من المناسبات. حدثت أولى عمليات الحصاد المستدامة للخشب في العام 2015 وأنتجت زيتًا أساسيًا يفي بمعايير الجودة الصارمة في للدار.