وقع آلاف الإسرائيليين على نداء للمجتمع الدولي للتدخل الفوري وممارسة ضغوطات واتخاذ كل الإجراءات وفرض كل العقوبات الممكنة على إسرائيل بهدف وقف إطلاق النار حالاً، ودعا الموقعون لإنقاذ سكان البلاد والمنطقة “من الطريق الانتحاري الذي تسير فيه إسرائيل”، الأمر الذي دفع إسرائيليين آخرين للتحريض على الموقعين على العريضة والسعي لسن قانون ضدهم في الكنيست.
ووقع حتى الآن ثلاثة آلاف شخص على العريضة من داخل إسرائيل وخارجها لمناشدة المجتمع الدولي، بما يشمل الأمم المتحدة ومؤسساتها والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية وجميع دول العالم، بالتدخل فوراً و”اتخاذ كل الإجراءات وفرض كل العقوبات الممكنة من أجل التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار بين إسرائيل وجيرانها، حرصاً على صون مستقبل الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني وشعوب المنطقة، وحقهم في الأمن والحياة”.
واعتبرت العريضة أن الحكومة الإسرائيلية “تخلت عن مواطنيها المختطفين” بل وقتلت بعضهم، كما تخلت عن سكان الجنوب والشمال، ولم تعد تكترث بمصير مواطنيها ومستقبلهم، كما أشارت إلى ما يتعرض له المواطنون الفلسطينيون في إسرائيل من “قمع واضطهاد وكم الأفواه من طرف سلطات إنفاذ القانون وعامّة الناس على حد سواء”، معتبرين هذا القمع والترهيب والاضطهاد السياسي يمنع العديد من الناس “الذين يشاطروننا الرأي” من توقيع هذا النداء.
وجاء في العريضة المنشورة بعشر لغات “الكثير منا ناشطون قدامى ضد الاحتلال ومن أجل السلام والحياة المشتركة على هذه الأرض، يدفعنا حب الوطن وأهلنا الذين نخشى على مستقبلهم. وقد روعتنا جرائم الحرب التي ارتكبتها حماس وغيرها من المنظمات في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، كما روعتنا جرائم الحرب التي لا تعد ولا تحصى التي ارتكبتها إسرائيل. ومن المؤسف أن غالبية الإسرائيليين يؤيدون استمرار الحرب والمجازر، وهو ما يحول دون إمكانية إحداث تغيير من الداخل في الوقت الراهن. ولا شك في أن دولة إسرائيل تسير في طريق انتحاري، وتسبب الخراب والدمار الذي لا يفتأ يتزايد يوماً بعد يوم”.
آلاف الإسرائيليين: من أجل مستقبلنا مارسوا ضغطاً حقيقياً
واعتبر الموقعون أن فرص التوصل إلى “اتفاق وتحقيق المصالحة الكفيلين بتمكين اليهود الإسرائيليين من العيش بأمان في هذا المكان في المستقبل تتضاءل يومياً”، داعين إلى “وقف المذبحة الجارية والدمار حالاً” ريثما تتحقق يوماً ما هذه “العملية الطويلة والمضنية”. ورأى الموقعون أن غياب الضغط الدولي الحقيقي، واستمرار إمداد إسرائيل بالأسلحة واستمرار التعاون الاقتصادي والأمني والعلمي والثقافي، يجعل غالبية الإسرائيليين يعتقدون أن سياسات إسرائيل تحظى بدعم دولي. وانتقدوا تكرار زعماء العديد من الدول الإعراب عن صدمتهم وإدانتهم تصرفات إسرائيل دون اقتران تلك الإدانات بأي إجراء عملي، قائلين: “لقد سئمنا الكلام والتصريحات الفارغة”. وخلص الموقعون إلى القول “إننا نرجوكم، من أجل مستقبلنا ومستقبل جميع سكان البلاد والمنطقة، أنقذونا من أنفسنا، ومارسوا ضغطاً حقيقياً على إسرائيل من أجل الوقف الفوري لإطلاق النار”.
ووقع على العريضة ألف إسرائيلي يعيشون حالياً خارج إسرائيل مقابل ألفين بداخلها، منهم مئات الأكاديميين الإسرائيليين إضافة لعشرات الكتاب والفنانين والصحافيين. كما وقع بعض أهالي المحتجزين الإسرائيليين على العريضة، كما وقع النائب عوفر كسيف والنائبة السابقة تامار غوجانسكي، إضافة لأحد عشر حاخاماً عليها.
وفي حديث مع “العربي الجديد”، قالت مطلقة العريضة الناشطة ضد الاحتلال والمقيمة في باريس ياعيل ليرر: “منذ عشر سنوات اقتنعت أنه لا توجد إمكانية للتغيير من الداخل في إسرائيل. والتغيير الوحيد الموجود هو التغيير من الخارج. ومن دون ضغط دولي لن يحصل أي شيء. إسرائيل موجودة في مسيرة انتحاريّة، وهذا الانتحار ليس فقط إسرائيلي، بل سيطاول الفلسطينيين والعرب ودول المنطقة، وهذا ما نراه مع الإبادة الجماعيّة في غزّة ومع ما يحصل في لبنان”.
وأضافت ليرر، التي كانت ناشطة في حملات لمقاطعة إسرائيل وفرض العقوبات عليها: “من دون عقوبات وضغط غربي وأيضاً عربي، فإن إسرائيل سوف تستمر بهذه العمليّة”. وعن مدى إمكانيّة تأثير هذه العريضة على مواقف الدول الغربيّة، قالت ليرر إن “العريضة ما زالت في بدايتها، ونُشرت حتى الآن في صحيفتي الليبراسيون الفرنسيّة وذا غارديان البريطانيّة، وأن مجموعة من الموقعين بدأوا في العمل لتنظيم لقاءات في البرلمانات والسعي للالتقاء بوزراء دول مختلفين، بهدف الضغط لوقف إطلاق النار”.
عشرات الآلاف الإسرائيلين يتظاهرون في تل أبيب/1 سبتمبر 2024(Getty)
أخبار
تصاعد التظاهرات ضد حكومة نتنياهو: إغلاق طرق رئيسية ومطالبات بصفقة
تحريض في الكنيست على الموقعين
وبعد نشر العريضة، تحدثت القناة 14 الإسرائيلية، المعروفة بانحيازها لليمين الإسرائيلي، عن العريضة التي وقعها مئات الأكاديميين الإسرائيليين والمطالبة بفرض عقوبات على إسرائيل، ليصرّح في أعقاب تقرير القناة رئيس الائتلاف الحكومي في الكنيست أوفير كاتس بأنه يعتزم تكثيف مشروع القانون الذي يحمل عنوان “إزالة الإرهاب من الأكاديميا”.
ومشروع القانون هذا موجود حالياً في لجنة التعليم في الكنيست تحضيراً لقراءته الأولى، والغرض منه هو إخراج المحاضرين الأكاديميين الذين “يعبّرون عن تعاطفهم مع الإرهاب ودعمهم له، وفصلهم وحرمانهم من حقوقهم”، وجاء هذا القانون في أعقاب قضيّة البروفيسورة الفلسطينيّة نادرة شلهوب – كفركيوان، التي وقّعت على عريضة وصفت فيها أعمال إسرائيل بالإبادة الجماعية، لتقوم الجامعة العبرية في القدس المحتلة بفصلها ثم التراجع عن ذلك لاحقاً.
ويعتزم كاتس توسيع أسباب الفصل أيضاً لتشمل “أولئك الذين يدعون إلى المقاطعة في زمن الحرب”، ويقول كاتس، بحسب القناة 14، إن “مثل هذا الالتماس في زمن الحرب، والذي يدعو بحكم الأمر الواقع إلى حظر الأسلحة والمقاطعة الاقتصاديّة لإسرائيل، يشكل إصابة قاتلة لإسرائيل، ويزيد نزع الشرعيّة عن الدولة”. وأضاف أنه لا ينوي تجاوز هذا الحدث بصمت، وأن المحادثات بدأت أيضاً “مع المسؤولين القانونيين في اللجنة لبدء العمل على النسخة الجديدة من القانون”.
وفي سياق متصل، دعا رئيس اتحاد الطلاب الجامعيين في إسرائيل الحنان فيلهايمر إلى “القضاء على هذه الظاهرة”، مطالباً الطلاب في الجامعات بالإبلاغ عن الأكاديميين الذين “يدعون لنزع شرعية إسرائيل”. وقال فيلهايمر: “أي أكاديمي يدعو إلى نزع الشرعية عن إسرائيل سيبقى خارج الأكاديمية لفترة من الوقت”، وأضاف: “أطالب رؤساء الجامعات والكليات بالخروج بتوجيه واضح للأساتذة المحاضرين في المؤسسات اليوم، وسوف يشكل اتحاد الطلاب لجنة خاصة مختصة بالموضوع، وأنا وأدعو كل طالب يحضر فعالية يُحرّض فيها المحاضرون ضد إسرائيل أن يتواصل معنا وسنعمل معاً على القضاء على هذه الظاهرة المشينة”.