آل الشيخ: تنقية الخطاب الديني من الفهم المغلوط والغلو والتشدد والجفاء والانحلال

تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، انطلقت، أمس (الأحد)، جلسات مؤتمر وزراء الأوقاف في دول العالم الإسلامي، الذي تنظمه وزارة الشؤون الإسلامية تحت عنوان: «دور وزارات الشؤون الإسلامية والأوقاف في تعزيز مبادئ الوسطية وترسيخ قيم الاعتدال»، بمشاركة عدد من الشخصيات الإسلامية والعالمية يمثلون وزراء ومفتين ورؤساء مجالس وجمعيات ومؤسسات إسلامية ينتمون لأكثر من 60 دولة.

وافتتح المؤتمر بكلمة المملكة، ألقاها وزير الشؤون الإسلامية الرئيس التنفيذي للمؤتمر الدكتور عبداللطيف آل الشيخ، منوهاً بالرعاية الكريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وبالمتابعة المستمرة من ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان لأعمال المؤتمر، مبيناً النهج الراسخ للمملكة في جمع الكلمة، ووحدة الصف وتفعيل مبدأ التشاور والتعاون على البر والتقوى لا سيما في ظل المتغيرات المتسارعة التي تستوجب على المعنيين بالشأن الإسلامي المبادرة لحفظ الثوابت وترسيخها ومواجهة المتغيرات والتعامل معها بعلم وحكمة ورفق وتنقية الخطاب الديني مما ألحق به من الفهم المغلوط إما غلواً وتشدداً أو جفاء وانحلالاً.

وقال آل الشيخ، إن المملكة قامت على منهج الوسطية والاعتدال ونشر رسالة الإسلام الوسطي المعتدل ومحاربة الغلو والتطرف والمبادرة إلى ما يخدم هذا المنهج القويم والعناية بالثوابت والقيم الإسلامية والمحافظة عليها والدعوة الصادقة لها مع الأخذ بكل أسباب التقدم والتطور والازدهار، إذ إن التمسك بالدين القويم سبب للخير والنماء والازدهار.

وأضاف: «نجتمع اليوم بجوار البيت العتيق وقبلة المسلمين كمسؤولين عن الشأن الإسلامي ونناقش في المؤتمر مواجهة مستجدات التطرف والإرهاب وسبل تحصين المنابر من خطابات الغلو والتشدد وتعزيز قيم التعايش والتسامح وتصحيح فهم الخطاب الديني وترسيخ مبادئ الوسطية والاعتدال وتعزيز المواطنة في دول العالم الإسلامي وأثره في استقرار المجتمعات الإسلامية والحديث عن الخصوصية الإسلامية في ظل العولمة الثقافية، وهذا يتطلب التعاون والتشاور وتفعيل البرامج المشتركة وتبادل الخبرات والتجارب الناجحة بين الأعضاء وتصحيح فهم الخطاب الديني وتفعيل دور الأئمة والخطباء والدعاة وأداء رسالة المسجد على الوجه الصحيح مع العناية بكل ما يخدم ذلك فنياً ومعمارياً وتعزيز دور الأوقاف والصناديق الوقفية بما يحقق النماء والاستدامة التي تعزز رسالة المسجد.

وأردف آل الشيخ، إن ما لدينا من الثوابت والقيم الإسلامية والرغبة الصادقة يجعلنا نخوض المواجهة والتحديات بثبات وعزم سلاحنا الإخلاص لله والعلم والحكمة مع الإفادة من كل الوسائل الممكنة بما في ذلك ما استجد من وسائل وتقنيات من الذكاء الاصطناعي وغيرها والتي فرضت نفسها كوسيلة مؤثرة في المجتمع ولها دور يجب ألَّا يغفل في التأثير في الرأي والفكر سلباً أو إيجاباً وقد استثمرها كثير من جماعات الغلو والتطرف ودعاة الإلحاد والانحلال الأخلاقي وأصبحت ميداناً للدعوة إلى مخالفة الثوابت والقيم مما يتطلب وقفة جادة لتفعيل دور تلك الوسائل بما يحقق المصلحة الشرعية ويحمي المجتمعات من خطرها. مؤكداً أن الاجتماع من نعم الله، إذ اجتمعت الأبدان والقلوب وتوحدت الصفوف وتقاربت الآراء لتحقيق وسطية الإسلام ونشر قيمه السمحة.

التوفيق: ضمان حياد المساجد

وزير الأوقاف المغربي أحمد التوفيق، قال: إن موضوع المؤتمر من أهم الموضوعات، مؤكداً أن وزارة الشؤون الإسلامية بالمغرب هي الجهة المختصة التي تعمل على حماية الدين من خلال ضمان حياد المساجد تجاه مختلف أنواع التيارات العقدية والسياسية والاجتماعية، كما يسهر العلماء على بيان قيم الوسطية والاعتدال فإن مختلف الوزارات تخدم الدين من حيث خدمة ضمان يقين الأمة وخدمة مصالح الناس في الأمن والعدل وأسباب المعاش وكرامة الناس.

الأزهري: إطفاء نيران الإرهاب

وزير الأوقاف المصري أسامة الأزهري، أشاد بعنوان المؤتمر، مؤكداً أن ذلك يتوجب على الدول الأعضاء والمشاركة أن تحتشد لمحاربة الغلو والتطرف وصور العنف والتشدد وحتى نطفئ نيران العنف والإرهاب، ولنكون في زماننا هذا أمناء على ديننا وعلى أوطاننا.

وقال الأزهري، إن المؤتمر اختار عنواناً مهماً، وهو قضية القيم الإنسانية المشتركة. لافتاً إلى أن القيم المشتركة هي أحد أهم أهداف المؤتمر التي نعمل عليها، كما نوّه على المواطنة لما لها من أهمية شديدة في ظل زمن نشطت فيه جماعات الإرهاب والتطرف في خطاب يقزّم شأن الوطن ويصغره؛ لذا وجب علينا أن نعمل لرفع شأن الوطن وتعزيز انتماء الإنسان لوطنه من خلال مفهوم المواطنة. وختم الأزهري: كانت وستظل قضية القدس وفلسطين القضية الأولى في وجدان كل مسلم.

من جانبه، أشاد وزير الأراضي والشؤون الدينية بجمهورية غامبيا حمات إن كي باء، بجهود المملكة في خدمة الإسلام والمسلمين وتعزيز قيم الوسطية والاعتدال في العالم، متمنياً أن يحقق هذا المؤتمر الإسلامي العالمي أهدافه.

المعمري: اضطراب المفاهيم القيمية

وزير الأوقاف بسلطنة عمان الدكتور محمد بن سعيد المعمري، أكد أن العالم يواجه تحديات ثقيلة تتمثل في اضطراب المفاهيم القيمية واختلال التوازن الأخلاقي، مضافاً إليها الصراعات والنزاعات والحروب، وخطابات الكراهية التي صورت مجتمعاتنا وكأنها عالة تاريخاً ومستقبلاً على الحضارة والحداثة، وأن المسؤولية الملقاة علينا كمسؤولين في وزارات الشؤون الإسلامية والدينية، تحتم علينا التعاون وتكثيف العمل من أجل حماية مجتمعاتنا، وتعزيز مرونتها وقدرتها للحفاظ على أسسها القيمية والأخلاقية، وإن هذا التعاون يبدأ بعملنا نحو تجديد الفهم للخطاب الديني بما يتسق والتحديات الراهنة، تعزيزاً لوعي ديني يتسم بالوسطية والاعتدال، وهذا لا يتحصل إلا بمواجهة خطابات التطرف والتعصب والغلو والإرهاب.

250 كوكبة علمية بارزة

رئيس المركز السويدي للحوار ودراسة الحضارات والأديان المقارنة ورئيس الرابطة العالمية لعلماء أفريقيا بمملكة السويد الدكتور محمد جدة عبدالله، قال: إن هذا العمل الدؤوب الذي قامت وتقوم به المملكة سيكتب في سجل أعمالها الخالدة بأحرف من نور وسيذكره التاريخ على مر الأيام، مضيفاً أن توجه السعودية مبني على الوسطية وقيم وترسيخ الاعتدال والتعايش السلمي والحكمة وفلسفة الحوار مع الآخر بالتي هي أحسن، ووحدة الكلمة والصف ودعم الأقليات المسلمة حول العالم. ونحو تضامن إسلامي ثابت متين، ولا أدل على ذلك من أن المؤتمر فيه أكثر من 250 كوكبة علمية محترمة وشخصيات إسلامية بارزة وقامات علمية يمثلون أكثر من 60 دولة ما سيعطي زخماً كبيراً واستشرافاً لمستقبل أفضل في ظل التكتلات الجيو استراتيجية. مؤكداً في الوقت ذاته أن تعزيز مبادئ الوسطية وترسيخ قيم الاعتدال يُعتبر جزءاً مهماً من النقاشات الفكرية والاجتماعية في العالم العربي والإسلامي، كما أن الوسطية والاعتدال هما نهجان يسعيان إلى تحقيق التوازن والتوافق في القضايا الفكرية والاجتماعية والسياسية.

إيقاف خطاب الكراهية

المستشار والباحث الشرعي الدكتور زياد بن منصور القرشي، أشاد بالجهود الكبيرة والعظيمة التي تقوم بها المملكة في نشر القيم الوسطية المعتدلة ويشهد لها الجميع في أنحاء العالم من خلال مواقفها السياسية الدبلوماسية مع قضايا المسلمين وخدمتها للحرمين الشريفين وبذل وتقديم الغالي والنفيس من الأموال وتجنيد الطاقات البشرية لخدمة ضيوف الرحمن وتسخير الإمكانات الاقتصادية والبشرية لذلك. وأضاف، أن خادم الحرمين الشريفين، أكد في خطابات عدة أن السعودية قامت على منهج الوسطية والاعتدال الذي يحمي البلاد ويحقق أمنها وإيقاف خطاب العنصرية والكراهية أياً كان مصدره وذريعته، والمملكة لها تاريخ عظيم مشرف ومزدهر منذ تأسيسها على نشر الوسطية والاعتدال في جميع المحافل الدولية والمؤتمرات وجعلته مشاهداً على أرض الواقع، وبذلت جهوداً كبيرة في مجال الدعوة ونشر التعاليم الإسلامية في دول العالم، وأنشأت الجامعات والمراكز الإسلامية داخل المملكة وخارجها، وكل هذا يقدر للمملكة في نشر مفاهيم الإسلام الوسطي المعتدل الصحيح في أنحاء العالم؛ إيماناً منها بواجبها المقدس تجاه هذا الدين، ونشر قيمه السمحة، وتحقيق التعاون والتكامل في الجهود بين الدول، وترسيخ الوسطية والاعتدال والتسامح والتعايش ونبذ العنف والغلو، وتنسيق الجهود المشتركة، وخدمة بيوت الله.

مشاركون في المؤتمر لـ «»: السعودية سباقة لنشر الوسطية ومفاهيم التعايش

أكد عدد من وزراء الأوقاف ورؤساء المراكز الإسلامية والباحثين الشرعيين، أن السعودية هي حاملة لواء الوسطية والاعتدال، وهذا الأمر نابع من توجهها الذي يقوم على نشر مبادئ التعايش السلمي والاعتدال والوسطية والحكمة التي يتمتع بها ولاة أمر المملكة، وأن المؤتمر أصدق دليل على ريادة السعودية ودورها الكبير في ما يخدم دول العالم كافة والعالم الإسلامي.

وقال المفتي العام في نيوزيلندا ورئيس مجلس العلماء النيوزيلندي محمد فيض الرحمن، إن المملكة سباقة إلى نشر قيم الوسطية والاعتدال وهذا غير مستغرب؛ لأنها مهبط الوحي ومنبع الرسالة، وهي قلب العالم الإسلامي وقائدة العالم في جميع المجالات الدينية، ومنها شع نور الإسلام فأنار العالم بالقيم الإسلامية السمحة التي تتسم بالوسطية والاعتدال ونبذ الغلو والتطرف وهذا هو المنهج الصحيح الذي جاء به القرآن الكريم والسنة النبوية.

وأضاف فيض الرحمن، المملكة تبذل جهوداً جبارةً منذ تأسيسها على نشر الوسطية والاعتدال والتسامح والتعايش ونبذ العنف والغلو، وتقف حازمةً أمام كلِّ ما يهدد ذلك وتقوم باستمرار باستضافة المؤتمرات التي تدعو لقيم الوسطية والاعتدال وتدعو لها جميع دول العالم وتنشر مفاهيم الإسلام الصحيحة، وها نحن اليوم نرى بأعيننا ويرى العالم أجمع إقامة المملكة للمؤتمر الذي يهدف إلى تحقيق السماحة ووحدة الكلمة والصف وتنسيق المواقف والتعاون بين الدول الأعضاء، فجزى الله حكومة المملكة العربية السعودية خير الجزاء على ما يقدمونه من أعمال جليلة ورائعة خدمة للإسلام والمسلمين والعالم أجمع.