أردوغان “تدخّل شخصيّاً” للإفراج عن زوجين إسرائيليين لماذا؟ وماذا عن توجيه المحكمة لهما اتهامات بالتجسّس؟

يبدو أنّ أزمات الرئيس رجب طيّب أردوغان السياسيّة، الداخليّة منها مع تواصل تراجع قيمة الليرة التركيّة أمام الدولار (11 ليرة لكل دولار)، وتراجع القُدرة الشرائيّة للمُواطن التركي، والمُعارضة التي ترغب الإطاحة به في الانتخابات الرئاسيّة القادمة، والخارجيّة مع انعدام الود مع أمريكا، وتواصل فرض العُقوبات الأمريكيّة، تدفع الرئيس أردوغان باتجاه البوّابة الإسرائيليّة التي يلجأ لها البعض فيما يبدو، لحل مُشكلاته، وأزماته، وتكون بوّابة الرضا الغربي على بلاده.

الرئيس التركي وجد ضالّته رغم مواقفه المُتشدّدة من إسرائيل، لإحياء العلاقات رغم عدم انقطاعها مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، وليس أفضل من الزوجين الإسرائيليين اللذين جرى احتجازهما في تركيا، وعلى خلفيّة التقاطهما صورًا لقصر أردوغان الرئاسي، حيث جرى الإفراج عنهما.

ورغم أن رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، كان قد وصف وضعهما بالمُعقّد، وكانت الاتهامات التركيّة تتّجه لصالح عملهما بالموساد، والتجسّس، جرى الإفراج عنهما، وبتدخّل شخصي من الرئيس أردوغان، حيث إفراج نظر له البعض كبادرة حُسن نيّة من الأخير تجاه الدولة العبريّة، وتحسين العلاقات التركيّة معها.

وبحسب الإعلام العبري، جرى التأكيد بأن الرئيس أردوغان تدخّل شخصيّاً للإفراج عن الزوجين، وما يُؤكّد هذا التدخّل، الشّكر الذي جرى توجيهه للرئيس أردوغان وحكومته، من قبل بينيت، ووزير الخارجيّة الإسرائيلي يائير لابيد، على تعاونه.

هذه الحادثة لمُجرّد زوجين إسرائيليين، جرى توقيفهما في تركيا، أظهرت حجم الاهتمام الإسرائيلي بمُستوطنيها، أو حتى أكّدته، ومدى القلق الذي يتساور إسرائيل، حينما يتعلّق الأمر باعتقال دول صديقة لمُستوطنيها، ورفع الحصانة عنهم حال ارتكابهم المحظور، وسط شُكوك حول أسباب تواجدهم الحقيقي في تلك الدول، لكن في المُقابل بدت تركيا بوجهة نظر قائمة وكأنما سارعت لاستغلال حادثة اعتقال صغيرة بتوقيع رئاسي، لتُعيد للعلاقات مع إسرائيل ألقها، وخُصوصاً أن رئيس الوزراء الإسرائيلي لم يجر مُحادثة علنيّة مع أردوغان مُنذ عام 2013.

ويبدو أن خطوة أردوغان “حسنة النيّة” هذه، أثمرت عن اتصال هاتفي جمعه بنظيره الإسرائيلي، يتسحاق هرتسوغ، حيث شكر الأخير الرئيس التركي على تدخّله للإفراج عن الزوجين، فيما كان لافتاً تطرّق الرئيس الى تطوير العلاقات مع تركيا اردوغان إلى أبعد من ذلك، وتأكيده على أن هذه العلاقات بين البلدين تشكل أهمية لاستقرار وأمن منطقة الشرق الأوسط.

ومع تسجيله مواقف داعمة لحركة “حماس” وانتقاداته الكلاميّة للعُدوان الإسرائيلي على غزّة، يُؤكّد الرئيس مُستغلّاً مُكالمته مع نظيره الإسرائيلي، على ضرورة تقليص الخلافات بين الدولتين.

تُطرح التساؤلات إذا كانت دولة الاحتلال الإسرائيلي، بصدد الاستماع إلى طلب أردوغان خلال الاتصال مع نظيره الإسرائيلي،  ضرورة إعطاء الأولويّة لتطوير العلاقات بين إسرائيل وفلسطين وإطلاق عملية السلام بين الجانبين، حيث إسرائيل لم تعد معنيّةً بالمُحادثات مع الفلسطينيين، فهي تحصل على التطبيع المجّاني من دول التطبيع القديمة، والحديثة دون ثمن، أو مُقابل، وتركيا ليست استثناء كما تبدو.

وتعود للواجهة تساؤلات أخرى بطبيعة الحال، حول مدى نزاهة القضاء في تركيا، ومدى عدم تدخّل الحزب الحاكم “”العدالة والتنمية” في أحكامه، فبحسب وكالة “الأناضول” الرسميّة، فإن محكمة وجّهت للزوجين اتهامات تجسّس سياسي، وعسكري، لالتقاط صور لقصر الرئيس، بعد أن جرى القبض عليهما 9/نوفمبر الشهر الجاري، وهو ما يُلقي الأضواء على كيفيّة تبرئتهما، وإن كانت قد مرّت في إجراءت التحقيق المُعتمدة في مثل تلك الظروف المُتعلّقة بالتجّسّس، وهل تبيّن عدم علاقتهما فعلاً بالموساد.

وبكُلّ الأحوال قطع الرئيس التركي الطريق على تصاعد أزمة حادّة مع إسرائيل، تفاقم من خلافاته معها، التي يراها البعض خلافات للاستعراض الإعلامي، حيث علاقات أمنيّة، واقتصاديّة بين أنقرة وتل أبيب في أحسن أحوالها، ولم تتضرّر.
ويبلغ حجم التبادل الاقتصادي بين البلدين حوالي 5.5  مليار دولار عام 2019، وهناك اكثر من 70 رحلة جوية بين مطار اللد (بن غوريون) وإسطنبول في العام نفسه.