محللون سياسيون توقعوا أن تؤدي أزمة الـ40 مليارا (قيمة الصفقة بين فرنسا وأستراليا) إلى تداعيات كبيرة على التحالفات الدولية، خصوصا تماسك الدول الغربية داخل مجلس الأمن في مواجهة الصين وروسيا، إذ إن الأزمة لم تعد تهدد العلاقات بين فرنسا والدول الأوروبية من جهة، والولايات المتحدة وبريطانيا من جهة أخرى فحسب، بل تنذر باحتمالات تفكيك التحالفات القديمة وإحداث نوع من الاختلال في العلاقات الدولية وداخل مجلس الأمن الدولي.
ورغم عقد وزراء خارجية الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن (الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا) اجتماعا غير رسمي مساء (الأربعاء) على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، إلا أن موضوع أفغانستان تصدر طاولة البحث. ورفض وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان عقد أي لقاء على انفراد مع نظيريه الأمريكي والبريطاني.
ولم يستبعد خبراء في العلاقات الدولية أن تحدث «صفقة الغواصات» نوعا من الزلزال في علاقات (أمريكا وفرنسا وبريطانيا)، مؤكدين أنها أزمة حادة تتعلق بالمفهوم التقليدي للتحالف المنبثق عن الحرب الباردة والذي لا يزال على حاله تقريبا. ورجح الخبراء تفاقم الخلافات في المستقبل ما يستدعي تجاوز المفهوم القديم للأمن الدولي.
الأزمة المتدحرجة التي عصفت بأمل فرنسا في تولي الرئيس جو بايدن السلطة، بعد سنوات من إدارة الخلاف مع سلفه دونالد ترمب، دفعت باريس إلى استدعاء سفيرها لدى واشنطن واتهام الإدارة الأمريكية بالتصرف على طريقة ترمب بتنحية باريس جانبا. وهو ما يخشى معه المراقبون من أن يؤدي الخلاف إلى تضعضع الجبهة الموحدة في مواجهة روسيا والصين اللتين تتربصان بالجميع.
لكن هل يمكن أن يقود النقاش الصريح بين ماكرون وبايدن إلى منع الانفجار وتهدئة التوتر على المدى القريب؟. ثمة من يرون أن الأزمة ستضر بسير عمل مجلس الأمن والنهج الغربي، لكنهم يستبعدون أن تنتهي إلى حالة من الإغراق والفوضى. إلا أن هناك مخاوف من أن تغتنم روسيا والصين تلك الانقسامات وتسعيان للتقرب إلى فرنسا وضمها إلى صفّهما؛ إلا أن هذا السيناريو في رأي البعض ليس بالسهولة التي يبدو عليها، إذ إنه ليس بينهما ما يكفي من المصالح المشتركة حتى تضحي باريس بمصالحها مع واشنطن ولندن.