في سياق “الاحتفالات” الإسرائيليّة بمرور عشرين عامًا على إعادة احتلال الضفّة الغربيّة، زعم قائد هيئة الأركان العامّة لجيش الاحتلال في عملية (السور الواقي)، الجنرال احتياط شاؤول موفاز، زعم في مقابلاتٍ أدلى بها للصحافة العبريّة، أنّه اقترح على صُنّاع القرار في تل أبيب آنذاك بطرد الرئيس الفلسطينيّ الراحِل، ياسر عرفات، من فلسطين، ولكنّ رئيس الوزراء أرئيل شارون، رفض ذلك .
وقال موفاز ان شارون رفض لأنّه تعهّد للرئيس جورج بوش بعدم المساس بعرفات، أوْ هدم المقاطعة في رام الله، وهي التي كانت وما زالت مقّر قيادة السلطة الفلسطينيّة، على حدّ زعمه.
الى ذلك بدأت تتعالى الأصوات في دولة الاحتلال، مُطالِبةً دوائر صُنع القرار السياسيّ والأمنيّ في تل أبيب بإعادة احتلال الضفّة الغربيّة، كما فعل رئيس الوزراء الأسبق، أرئيل شارون، في العام 2002، ضمن عملية (السور الواقي)، والتي ما زالت إسرائيل في هذه الأيّام تُحيي ذكراها.
ولكن يبدو أنّ الأصوات المُطالبة بعملية السور الواقي رقم 2 تبدو شعبويّةً، لأنّ جيش الاحتلال قد يجِد نفسه متورطًا في المدن الفلسطينية بزعم ملاحقة منفذي الهجمات الفدائية، رغم أنّ الاحتكاك مع الفلسطينيين أعلى من أيّ وقتٍ مضى، سيأتي بثمنٍ باهظٍ على الجيش، الأمر الذي يؤكِّد أنّ النشاط العسكري المتمثل بـ”جز العشب”، من خلال عملياتٍ محدودةٍ من وقتٍ لآخر من أجل إضعاف القدرات العسكرية التأهيلية للمنظمات الفلسطينية، لن يؤدي إلى تعبيد أمام استعادة الهدوء الأمنيّ في إسرائيل.
وجديرٌ بالذكر أنّ المحافل الأمنيّة الإسرائيليّة تزعم أنّ بعض مسوغات العملية العسكرية المطلوبة في مدينة جنين يتمثل في انسحاب قوات أمن السلطة الفلسطينيّة من المدينة منذ فترة طويلة، وهي الآن تحت سيطرة الفصائل المسلحة، وكلّ ذلك يجعل من جنين أولوية قصوى للعمل الإسرائيليّ، لأنّ جنين باتت أكثر مدن الضفة الغربية تحديًا للجيش منذ أيام (السور الواقي)، أيْ منذ عشرين عامًا، فهي معقل عنيد للمقاتلين، وسقط فيها أكبر عدد من القتلى الإسرائيليين، ولفترة طويلة شكّلت مصدر إحجام نفسي بين صناع القرار الإسرائيليّ بشأنْ تنفيذ العمليات البريّة في مخيمات اللاجئين ومراكز المدن الفلسطينيّة.
في السياق عينه، رأت الباحثة الإسرائيليّة، بنينا شوكار، خبيرة الأمن القومي والرأي العام والسياسة الخارجية، رأت في مقال نشره معهد (أورشليم للإستراتيجية والأمن)، أنّ الحاجة لزيادة جهود جمع السلاح في المناطق الفلسطينية قد تستدعي زيادة التعاون مع قوى الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، مع الحاجة لعمليةٍ عسكريةٍ، رغم أنّها شوط طويل غير قابل للتطبيق في الوقت الحاليّ، لأسباب تتعلّق بالشرعية الدولية، والتكلفة والعائد، ما دفع رئيس الوزراء آنذاك أريئيل شارون، للانتظار عامًا ونصف حتى أمر بعملية (السور الواقي)، فقط بعد أنْ اقتنع بأنّ الجيش بات جاهزًا ومُستعّدًا بشكلٍ جيّدٍ، وأنّ العملية أمامها خطة واضحة ومحددة”، على حدّ تعبيرها.
وتابعت الباحثة الإسرائيليّة قائلةً إنّ “مهمة الذهاب لتنفيذ سور واق جديدة يجب أنْ تتعلم من التجربة المريرة لحرب لبنان الأولى 1982، وفي مُقدّمتها، الحصول على الشرعية السياسية قبل الشروع في عملية برية واسعة، سواء من ناحية الجمهور في إسرائيل أو الرأي العام العالمي، مع العلم أنه لا يتم اكتساب شرعية العمل العسكري الواسع إلّا عندما تفيض الخسائر الإسرائيليّة”، كما قالت.
وخلُصت الباحثة إلى القول إنّه “اليوم بالنسبة والتناسب، ومقارنة بأحداث انتفاضة الأقصى، فلا يزال العدد الحالي للهجمات ضئيلاً، وبالتالي فإنّ خيار عملية (السور الواقي) الجديدة ليس مطروحًا على الطاولة في هذا الوقت”، على حدّ تعبيرها.